تشهد 2025 العديد من الأزمات السياسية والتوترات العسكرية على مستوى العالم، وكان لهذه الأحداث التأثير الكبير على سوق العمل حيث أدى إلى حدوث تباطؤ سوق العمل وهذه علامة على حدوث ركود اقتصادي أيضاً وذلك لأن اقتصاد 2025 شهد توتراً كبيراً بسبب التضخم والتغيرات في السياسات الحكومية والاضطرابات التكنولوجية، ولذلك نجد أن الوظائف الناشئة مثل خبراء الأمن السيبراني، ومتخصصين الذكاء الاصطناعي وغيرها يزداد الطلب عليها أكثر من غيرها من الوظائف، وذلك فإن الذكاء الاصطناعي والوظائف وجهتان لعملة واحدة في 2025.
وعلى الجانب الآخر نجد عدة وظائف متراجعة ويقل الطلب عليها مثل المهام الإدارية، الأدوار التصنيعية التي تقوم بها الروبوتات، وخدمات العملاء والدعم، ولذلك نجد أن بيانات التوظيف لعام 2025 تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا ولذلك تظهر مشكلة البطالة العالمية في جميع الدول، كما أن سوق العمل الأمريكي تأثر بشكل كبير بسبب الحروب والأزمات السياسية، ويظل التساؤل هل هذا تباطؤ أم تصحيح طبيعي؟ هذا ما سوف نتناول الحديث عنه.
إليك التفاصيل من إيكونومتريك.
قراءة في بيانات سوق العمل
بعد اكتساح التكنولوجيا الحديثة في كافة المجالات أصبح سوق العمل الآن ضعيف وأصبح الطلب على توظيف الشباب في تباطؤ مستمر، وذلك بسبب انخفاض معدل التوظيف في قطاعات التكنولوجيا، المالية، والخدمات، ويرجع ذلك إلى اختلاف الدورات الاقتصادية حيث أن ركودها يؤدي إلى خفض الوظائف، كما أن العولمة تلعب دور كبير في هذا الانخفاض لأن الشركات تفضل إتمام عملياتها بشكل مخفض من خلال التكنولوجيا المتقدمة التي كانت هي الأخرى سبب في إزاحة الوظائف.
كما أن التباطؤ في سوق العمل يختلف بين الدول النامية والدول المتقدمة، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها:
- التنمية الاقتصادية حيث تتمتع الدول المتقدمة باقتصادات أكثر استقرارًا وتنوعًا، مما يمكنها من امتصاص الصدمات الاقتصادية بشكل أفضل.
- السياسات الحكومية، حيث يمكن أن تؤثر السياسات الحكومية على التوظيف، فهي تساهم في حزم التحفيز والحوافز الضريبية على تعزيز خلق فرص العمل.
- مستويات التعليم والمهارة يعد التوافق بين مهارات العمال ومتطلبات الوظيفة أمرًا بالغ الأهمية، حيث يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات التوظيف.
- شهدت دول مثل الولايات المتحدة وكندا انخفاضًا في معدل التوظيف في قطاعات التكنولوجيا والمالية، ولكنها تمكنت من خلق فرص عمل جديدة في قطاعات أخرى.
- تعاني بعض الدول النامية من معدلات بطالة عالية وتحديات في خلق فرص عمل جديدة، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والخدمات.

أسباب تباطؤ سوق العمل
تباطؤ سوق العمل يعود إلى عدة أسباب نتعرف عليها فيما يلي:
- التقدم التكنولوجي يؤدي ظهور الأتمتة والذكاء الاصطناعي إلى إزاحة الوظائف وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات أخرى.
- التغيرات الديموغرافية، حيث تؤثر شيخوخة السكان في الاقتصادات المتقدمة وتزايد فئة الشباب في الأسواق الناشئة على توفر المواهب وتوزيعها حول العالم.
- العولمة، يمكن أن يؤدي التكامل العالمي للأسواق إلى تحولات في التوظيف، حيث قد تنقل الشركات عملياتها إلى بلدان ذات تكاليف عمالة أقل.
- الدورات الاقتصادية، تتأثر معدلات التوظيف بالدورات الاقتصادية، حيث يمكن أن تؤدي فترات الركود إلى خفض الوظائف وزيادة البطالة.
- عدم التوافق بين المهارات والوظائف يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة.
- التغيرات في الصناعات حيث يؤدي التحول إلى الاقتصاد الأخضر، إلى خلق فرص عمل جديدة في قطاعات معينة.
- سياسات سوق العمل، حيث يمكن أن تؤثر السياسات الحكومية على التوظيف.
- التضخم ورفع الفائدة يؤدي إلى اندثار الوظائف وتباطؤ سوق العمل.
- التشريعات والهجرة أيضا سبب كبير في تباطؤ سوق العمل.
أما بالنسبة للمنطقة العربية، فمن المهم الإشارة إلى أن تقرير مستقبل الوظائف لعام 2025 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي يشير إلى أن أفريقيا قد تمثل الارتفاع الكبير في فئة الشباب فرصة هائلة لتوفير المواهب، شرط الاستثمار في التعليم والبنية التحتية والربط الرقمي الكافي.
اقرأ أيضاً: الدليل الشامل حول التسويق بالمحتوى وأهم استراتيجياته
تأثير ذلك على الأسواق المالية
تأثير تباطؤ سوق العمل على الأسواق المالية يمكن أن يكون كبيرًا، حيث يؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين وذلك بسبب انخفاض الثقة في الأسواق المالية، مما يؤثر على قرارات الاستثمار، كما يمكن أن يؤدي انخفاض الثقة إلى انخفاض أسعار الأسهم، مما يؤثر على أداء الأسواق المالية.
كما أن تباطؤ سوق العمل يؤثر على سلوك الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية وذلك من خلال:
- السياسة النقدية التيسيرية، يمكن أن تعمل البنوك المركزية، مثل الفيدرالي الأمريكي، على تنفيذ سياسات نقدية تيسيرية لتحفيز النمو الاقتصادي.
- خفض أسعار الفائدة، يمكن أن يؤدي تباطؤ سوق العمل إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتراض والاستثمار.
- البرامج التحفيزية، يمكن أن تعمل البنوك المركزية على تنفيذ برامج تحفيزية لتحفيز النمو الاقتصادي وتحسين سوق العمل.
اقرأ أيضاً: دليلك إلى أفضل استراتيجيات تداول الأسهم في البورصة
هل نحن أمام ركود اقتصادي؟
يتساءل الكثيرون هل نحن أمام ركود اقتصادي والحقيقة أننا على شرفات الركود والدليل على ذلك ما تم ملاحظته عند عمل مقارنة بين أزمة عام 2008 وحتى عام 2020، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:
- أزمة 2008 خلقت نتيجة لأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، والتي أدت إلى انهيار العديد من المؤسسات المالية، وكان الانهيار المالي ناتجًا عن تراكم الديون السيئة والتوسع المفرط في الائتمان، حيث استجابت البنوك المركزية بتخفيض أسعار الفائدة وتنفيذ سياسات نقدية توسعية.
- أما أزمة 2020 كانت نتيجة لتفشي جائحة كورونا، والتي أدت إلى إغلاق العديد من القطاعات الاقتصادية، وكانت الاستجابة لها مختلفة عن أزمة 2008، حيث ركزت البنوك المركزية على توفير السيولة وتحفيز الاقتصاد من خلال سياسات نقدية توسعية، وقتها لعبت الحكومات دورًا كبيرًا في دعم الاقتصاد من خلال سياسات مالية توسعية.
كما أن مؤشرات النمو والإنتاجية العالمية تشير إلى ركود اقتصادي عالمي وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي 3.3% في عامي 2025 و2026، دون تغيير يُذكر عن التنبؤات السابقة.

القطاعات الصامدة والفرص الجديدة
قد يتساءل البعض عن القطاعات الصامدة والفرص الجديدة ومدى تأثيرها في سوق العمل ومدى تأثير اقتصاد 2025 عليها، ويمكن توضيح القطاعات الصامدة والفرص الجديدة في الآتي:
- القطاعات الصامدة وتشمل الرعاية الصحية التي تظل في نمو مستمر، حيث تزداد الحاجة إلى الخدمات الصحية مع تقدم العمر وتغيرات السكان، والتكنولوجيا والتي تظل في نمو مستمر مع التطور التكنولوجي السريع، ثم الخدمات المالية والتي تزداد الحاجة إلى الخدمات المالية مع نمو الاقتصاد العالمي.
- الفرص الجديدة تشمل الاقتصاد الأخضر الذي يهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة مع الحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى الطاقة المتجددة التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والرعاية الصحية التي تهدف إلى توفير كافة الخدمات الصحية للجميع، خاصة في المناطق النائية.
في النهاية، يمكن تجاوز التباطؤ في سوق العمل وذلك من خلال المرونة في السياسات الحكومية والتي تظهر في إمكانية التكيف مع التغيرات، وتقليل البطالة بقدر الإمكان، وتنمية الاقتصاد من خلال توفير الحوافز والتمويل للشركات والعمال، كما أن ريادة الأعمال والمهارات الجديدة لها دور بالغ الأهمية في تجاوز التباطؤ من خلال خلق فرص عمل جديدة، وابتكار حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الابتكار والإنتاجية، وتطوير مهارات العمال، كل ذلك سوف يقضي بشكل سريع على التباطؤ في سوق العمل ليعود السوق على ما كان عليه من جديد.