تأثير الطقس البارد على الأسواق العالمية والمحلية هو من الأمور الطبيعية التي تترافق مع فصل الشتاء، فعندما تنخفض درجات الحرارة بشكل شديد سيزداد الطلب على موارد الطاقة التي يتم الاعتماد عليها من أجل الحصول على الدفء كالغاز والكهرباء، الأمر الذي يؤثر بدوره على تكاليف النقل والإنتاج وارتفاعها، مما يزيد من أسعار السلع والخدمات.
لا ينحصر تأثير الطقس البارد على تكاليف الطاقة فقط، بل يتعداه إلى الخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد، حيث من الممكن أن تتعرقل عملية نقل البضائع عند تساقط الثلوج بشكل كثيف، الأمر الذي يُحدث تأخير التسليم ونقص المعروض، فترتفع أسعار المنتجات مباشرةً وبشكل خاص المواد الغذائية، مما يشكل عبئاً إضافياً على كل من الشركات والأفراد.
الإنتاج الزراعي، هو أيضاً من الجوانب التي يؤثر عليها الطقس البارد، فالصقيع الذي ينجم عن الانخفاض الشديد في درجات الحرارة يُتلف المحاصيل ويحد من الإنتاجية الزراعية، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث اضطراب في الأسواق الغذائية، تابع معنا السطور التالية من إيكونومتريك لمعرفة تفاصيل أكثر عن تأثير البرد على النشاط التجاري في مختلف المجالات.
تأثير الطقس البارد على الأسواق (سلاسل الإمداد):
يلعب الطقس البارد والانخفاض الشديد في درجات الحرارة، دوراً محورياً في الشحنات التجارية وسلاسل الإمداد، الأمر الذي يعيق من وصول الشحنات والمنتجات، وفيما يلي أبرز التفاصيل:
تأخير الشحنات:
كما نعلم أن الطقس البارد مُرتبط بذاكرتنا في الثلوج الكثيفة والجليد، حيث يؤدي حدوثهما إلى قطع الطرق المحلية والسريعة، الأمر الذي يؤخر حركة الشاحنات ومختلف وسائل النقل البرية الأخرى، بالإضافة إلى تأثير الأحوال المناخية القاسية من رياح وعواصف على حركة الإبحار والإقلاع والهبوط للسفن والطائرات، أي سيحدث تأخير في الشحنات البحرية والجوية، ولا يمكننا أن ننسى إلى ما يسببه هذا الطقس في زيادة الحوادث المرورية التي تؤخر أيضاً حركة المرور والشاحنات.
التأثير على المنتجات:
قد يؤدي الطقس البارد إلى تلف الكثير من المنتجات الحساسة مثل: الأدوية والاغذية الطازجة بسبب التجمد الذي قد يحدث أثناء عملية النقل، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل والتخزين الأمر الذي يزيد من الأسعار النهائية للمنتجات، علاوة على أن التأخيرات المستمرة تؤدي إلى نقص التوريدات ضمن الأسواق، أي نقص في توفر المنتجات مما يرفع من سعرها بسبب زيادة الطلب عليها.
حل مختلف المشاكل السابقة يتطلب تخطيط مسبق من خلال وضع خيارات بديلة للشحن والاحتفاظ بمخزون إضافي، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية والمراقبة الدقيقة لحركة الشحنات بواسطة أجهزة التتبع.
اقرأ أيضاً:بحث حول توفير الطاقة والتكلفة
ارتفاع الطلب على بعض السلع:
لا بد من أن نشير إلى أن الشتاء والطقس البارد المترافق معه يؤثر على سلوك المستهلكين واحتياجاتهم، حيث يتجلى ذلك واضحاً في زيادة الطلب على أجهزة التدفئة والملابس الشتوية والطعام، فيما يلي سنلقي الضوء على تأثير المناخ البارد في طلب هذه السلع:
الملابس الشتوية:
يترافق انخفاض الحرارة مع زيادة الطلب على الألبسة الشتوية مثل: الأحذية الثقيلة والمعاطف والقبعات والقفازات، حيث يبحث الأشخاص عن منتجات ذات جودة عالية لتقيهم من البرد، مما يشكل فرصة لتجار التجزئة بطرح عروض وتخفيضات من شأنها جذب المزيد من الزبائن، الأمر الذي ينعش حركة الأسواق، ويشجع شركات التصنيع على إنتاج المزيد لتلبية الطلب المتزايد.
أجهزة التدفئة:
في إطار حديثنا عن تأثير الطقس البارد على الأسواق لا بد من أن نشير إلى أن شراء أجهزة التدفئة هي من أوليات الأشخاص مع قدوم فصل الشتاء للمنازل والمكاتب على حد سواء، حيث تشمل أجهزة التدفئة المركزية والمدافئ الكهربائية، وبالتالي ارتفاع فواتير الطاقة الذي يؤثر بدوره على ميزانية الأسرة، تجدر الإشارة إلى وجود العديد من الأشخاص الذين يستثمرون مصادر طاقة بديلة أو أنظمة تدفئة ذات كفائة عالية بهدف تقليل التكاليف.
الطعام:
الأطعمة الساخنة تمنح الكثير من الدفء، لذلك يزداد الطلب عليها في فصل الشتاء كالحساء والمشروبات الساخنة، بالإضافة إلى حاجة الجسم للمزيد من السعرات الحرارية لتعويض الطاقة المفقودة نتيجة البرد، في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى تأثير الطقس البارد على نقص بعض المنتجات الزراعية مما يرفع من سعرها، في المقابل تزداد بعض المنتجات الموسمية كالمكسرات والفواكه المجففة.
انخفاض النشاط الاقتصادي:
يعد انخفاض النشاط الاقتصادي أحد أشكال تأثير الطقس البارد على الأسواق، وبشكل خاص الأنشطة المرتبطة بالمقاهي والمطاعم، حيث سنوضح في السطور التالية بعض النقاط الهامة:
- انخفاض عدد الزبائن: فكما نعلم أن برودة الطقس تحد من خروج الأشخاص من منازلهم، بالإضافة إلى تقليل أو إلغاء العديد من النشاطات والفعاليات الاجتماعية نتيجة برودة الطقس، كل ذلك يؤدي إلى تراجع أعداد الزبائن التي تزور المقاهي والمطاعم.
- ارتفاع تكاليف التشغيل: حيث تحتاج المقاهي والمطاعم إلى المزيد من التدفئة لتأمين بيئة مريحة للزبائن، مما يزيد من تكاليف التشغيل، علاوة على الأضرار الذي قد يحدثها هذا الطقس في البنى التحتية والمباني، الأمر الذي يتطلب إجراء عمليات صيانة.
- تأخير تسليم الطلبات: بسبب ما يحدثه الطقس البارد من إغلاق للطرق أو تأخير في وصول الشحنات، وتلف بعض المنتجات الغذائية التي تزيد من خسائر الأعمال.
- تكيف المقاهي والمطاعم مع الظروف: حيث يتجلى ذلك في طرح عروض وخصومات تجذب المزيد من الزبائن، مع التوسع في خدمات التوصيل التي تعد مثالية للأشخاص الذين يفضلون البقاء داخل المنزل، بالإضافة إلى تقديم مشروبات وأطعمة ساخنة ومتنوعة ترضي مختلف الأذواق وتزودهم بالكثير من الدفء.
اقرأ أيضاً:الاقتصاد التشاركي وتأثيره على سوق العمل
في ختام حديثنا عن تأثير الطقس البارد على الأسواق نجد أن هذا المناخ من أبرز التحديات التي تواجه العديد من الأعمال التجارية، حيث تتجلى أهمية تكيف الأسواق مع هذا الطقس لضمان استمرارية العمل، من خلال اعتماد عدة استراتيجيات مثل: وضع خطة طوارئ فعالة وتحسين البنى التحتية، بالإضافة إلى تركيب أنظمة تدفئة ذات كفاءة عالية، واستخدام التكنولوجيا في تحسين العمليات.