يعد تأثير الطقس البارد على التجارة من أبرز التحديات التي تواجه التجار في عملهم، وذلك بسبب الدور الكبير الذي يلعبه تغير الفصول والتقلبات الجوية في الأنشطة التجارية، فكما نعلم جميعاً أن لكل فصل سلوكيات شراء ونمط استهلاك خاص به، الأمر الذي يشكل اهتماماً كبيراً من قبل المستثمرين ورجال الأعمال بهدف تكييف خططهم وفقاً لها.
يلعب الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة دوراً رئيسياً في تحديد حركة الأسواق وتأثيرها على جميع القطاعات، فمثلاً في فصل الشتاء يزداد الطلب على وسائل التدفئة والملابس الشتوية، في الوقت الذي قد يؤدي البرد الشديد إيقاف سلاسل التوريد وانخفاض تواجد العملاء ضمن المتاجر.
جذب العملاء واستمرارية العمل هي من القضايا التي يجب أن تهتم الشركات بوضع حلول مبتكرة تحافظ على استمراريتها، انطلاقاً من أهمية هذا الأمر سنتحدث في السطور التالية من إيكوتومتريك عن تأثير فصل الشتاء على النشاط التجاري وأبرز التفاصيل المرتبطة به، تابع معنا.
الطقس البارد وسلاسل الإمداد: مشاكل النقل واللوجستيات
قد يؤدي المناخ البارد إلى إحداث تعقيدات مرتبطة في سلاسل الإمداد، الأمر الذي يتطلب قيام الشركات بوضع خطة مسبقة والسير وفق استراتيجيات محددة لإدارة المخاطر، للوصول إلى ذلك سنتحدث فيما يلي عن كيفية تأثر سلاسل الإمداد بالطقس البارد، أي تأثير الطقس البارد على التجارة:
مشاكل النقل:
يُحدث المناخ البارد تأثيراً واضحاً على قطاع النقل في سلاسل الإمداد، حيث من الممكن أن تؤدي الثلوج والجليد إلى تأخير حركة العبور أو حتى إغلاق الطريق، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأخر في وصول البضائع، بالإضافة إلى العوائق التي تواجهها وسائل النقل الجوي والبحري من تأخير أو إلغاء للرحلات وبشكل خاص عندما تكون الرياح قوية وعاصفة، بالتالي زيادة تكاليف النقل وتغيير توقيت الشحن.
الانقطاعات اللوجستية:
تتجلى المشاكل اللوجستية التي تحدث نتيجة الطقس البارد في تلف البضائع التي تتأثر بالحرارة، حيث أن نقل هذه المواد يتطلب استخدام أنظمة تدفئة وحاويات مبردة بهدف حماية البضائع والحفاظ على سلامتها الأمر الذي يسبب زيادة في التكاليف التشغيلية، علاوة على دور الأعطال الميكانيكية التي تصيب المعدات في تعطيل وإيقاف العمليات اللوجستية، لأن صيانتها سيؤدي إلى تأخير وصول الشحنات.
زيادة التكاليف التشغيلية:
يعد ارتفاع التكاليف التشغيلية لسلاسل الإمداد أحد أشكال تأثير الطقس البارد على التجارة، فالنقل في ظل الظروف المناخية القاسية يتطلب استخدام معدات مقاومة للبرودة، كما أن الطلب المتزايد على التدفئة يرفع من تكلفة الوقود، الأمر الذي يكبد الشركات تكاليف إضافية بسبب حاجتها اللجوء إلى مخازن مؤقتة بهدف تجنب التلف.
اقرأ أيضًا:دليلك إلى التخطيط المالي الشخصي
ارتفاع الطلب على سلع الشتاء: تحليل تغير أنماط الاستهلاك
كما نعلم جميعاً أنه مع اقتراب فصل الشتاء الذي يُعرَف بطقسه البارد سيزداد الطلب على أنماط محددة من السلع الشتوية كالمعاطف الثقيلة والقبعات والأوشحة، بالإضافة إلى المشروبات الدافئة والمدافئ وغيرها العديد من الوسائل التي من شأنها توفير الدفء، فهذا الأمر هو أحد أشكال تكيف المستهلكين مع احتياجاتهم في المناخ البارد.
في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى تغير أنماط الاستهلاك لدى الأفراد في فصل الشتاء، فهم يتجهون نحو اقتناء المنتجات التي توفر لهم الراحة والدفء، على سبيل المثال يزداد الإقبال على شراء ملابس الصوف والفراء كونها مصنوعة من مواد عازلة، بالإضافة إلى الطلب المتزايد على أجهزة التدفئة التي تحافظ على حرارة مناسبة داخل المنزل، علاوة على الميل الواضح لاحتساء المأكولات وتناول المشروبات الساخنة التي تمد أجسادهم بالطاقة والحرارة.
ما ذكرناه سابقاً سيفرض على الشركات أن تضع استراتيجيات مرنة تتماشى مع التغير الموسمي لأنماط الاستهلاك، بدءاً من زيادة مخزونها من السلع الشتوية قبل أن يبدأ فصل الشتاء، بالإضافة إلى الإعلان عن تخفيضات وعروض على مختلف المنتجات الشتوية، مع ضرورة تلبية الطلب المتزايد من خلال العمل على توسيع قنوات التوزيع، تجدر الإشارة إلى أنه يمكن الشركات الاستفادة من البيانات وتحليلات الأسواق في تحديد الاتجاهات الموسمية المستقبلية، بمعنى آخر يمكننا القول أن فصل الشتاء هو فرصة مميزة تستطيع الشركات استغلالها في تعزيز مبيعاتها عن طريق تلبية الاحتياجات الموسمية للمستهلكين والتكيف الفعال مع تغير أنماط الاستهلاك.
تحديات الأعمال الصغيرة في فصل الشتاء: قصص نجاح وفشل
في إطار حديثنا عن تأثير الطقس البارد على التجارة لا بد من أن نشير إلى بعض التحديات التي تواجهها الأعمال الصغيرة خلال فصل الشتاء، والتي سنشير إليها في النقاط التالية:
- الطلب المتقلب: الذي يتمثل في انخفاض عدد العملاء بشكل كبير، فالطقس البارد والمثلج يؤدي إلى الحد من حركة الأشخاص وتوجههم إلى المتاجر الصغيرة، وبالتالي التأثير على نسبة المبيعات اليومية.
- التكاليف التشغيلية: التي ترتفع نتيجة الحاجة المتزايدة لإصلاح أجهزة التدفئة الشتوية، مشكلة بذلك عبئاً إضافياً على الأعمال الصغيرة، بالإضافة إلى تعطل الإمدادات التي تؤخر من وصول البضائع، وبالتالي التأثير على المخزون.
- التحديات اللوجستية: التي أشرنا إليها سابقاً من حيث تأثير الجليد والثلوج على وقت وصول الناقلات، الأمر الذي قد يؤثر على رضا العملاء، بالإضافة إلى زيادة التكاليف الإدارية لأن الطقس البارد يفرض على الشركات اتخاذ تدابير إضافية للحفاظ على سلامة الموظفين والعملاء على حد سواء.
اقرأ أيضًا:الابتكار الاجتماعي ودوره في التنمية الاقتصادية
يعد النجاح الذي حققته إحدى الشركات الصغيرة الموجودة في كندا أحد أبرز الأمثلة على ضرورة تكييف المنتجات وفقاً للطلب المتزيد على الألبسة الشتوية، حيث استطاعت تحويل التحديات في فصل الشتاء إلى فرصة ذهبية عن طريق تصنيع الملابس الملائمة لهذا الفصل من مواد يمكن إعادة تدويرها مرة أخرى.
في ختام حديثنا عن تأثير الطقس البارد على التجارة نرى أنه من الضروري تحديد استراتيجيات تساعد في تكيف الأعمال التجارية مع التحديات الملازمة لتغيرات الطقس، وذلك من خلال تحليل التوقعات الجوية ومتابعتها بشكل منتظم لتجنب تأثيرها السلبي على عمليات البيع اليومية، بالإضافة إلى ضرورة وضع خطط بديلة تقلل من خطر المناخ القاسي على التوزيع والشحن، وغيرها العديد من الاستراتيجيات الأخرى التي تضمن نجاح الأعمال التجارية واستمرارها.