يعد التضخم والركود من أبرز مكونات الاقتصاد الكلي وأحد أبرز المشاكل التي تؤثر على الاقتصاد ككل، حيث يتجلى ذلك واضحاً في القوة الشرائية للعملات، التأثير في معدلات البطالة، التأثير على نمو اقتصاد الدولة بشكل سليم، بالإضافة إلى غيرها العديد.
يلاحظ الكثير من الأشخاص في بعض الفترات أن أسعار السلع ارتفعت إلا أن كمية النقود التي يملكها قد تضائلت وقل قيمتها، هذا الأمر يُدعى بالركود التضخمي، أي بطالة عالية وحالة نمو اقتصادي ضعيف.
ما المقصود بمصطلح التضخم الركودي؟ ما الفرق بين الركود والتضخم؟ كيف يؤثر الركود على التضخم؟ ما هي حلول الركود التضخمي؟ هذه التساؤلات وغيرها العديد سنجيب عنها في هذا المقال من إيكونومتريك، تابع معنا.
فهم التضخم الركودي: التحدي المزدوج للاقتصاد
يشير مصطلح التضخم الركودي أو كما يُعرَف أيضاً باسم الركود التضخمي إلى تلك الدورة الاقتصادية التي تتسم بظهور نسب بطالة مرتفعة ونمو بطيئ، بالإضافة إلى ارتفاع في الأسعار وغيرها العديد من الظواهر الأخرى، تجدر الإشارة إلى أنه من أبرز المشاكل الاقتصادية التي قد يتعامل معها صناع السياسات النقدية لأن إصلاح أحد هذه الظواهر قد يؤدي إلى تفاقم الظاهرة الأخرى.
من الجدير بذكره أن ظاهرة التضخم الركودي قد لا تكون لمدة زمنية وجيزة ترتبط باختناقات العرض الناجمة عن الصدمات الجيوسياسية والجائحة، حيث توجد العديد من العوامل التي تؤدي إلى استمرار الركود لمدة زمنية طويلة، هما: التدهور في العلاقات السياسية القائمة، بالإضافة إلى الدين العالمي الذي أدى إلى التأثير على أسعار الفائدة.
الركود والتضخم: تعرف على الفروقات الرئيسية
في إطار الحديث عن التضخم الركودي لا بد من أن نشير بدايةً إلى الفرق بين هذين المصطلحين، حيث يشير مصطلح الركود Recession إلى انخفاض النشاط الاقتصادي في الدولة خلال مدة زمنية محددة، أي أنه ينطوي على الاستمرار في الانخفاض وتدهور الاقتصاد العام لمدة ربعين متتاليين خلال نفس العام، من الجدير بذكره أنه أقل خطورة من الاقتصاد على الكساد.
أما التضخم يشير إلى انخفاض في القوة الشرائية لعملة البلد مع مرور الوقت، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع في جميع أسعار السلع، حيث تتجلى نتائج هذا الأمر في قيام الأفراد بشراء عدد أقل من المنتجات وبنفس القيمة المادية المدفوعة سابقاً، وانطلاقاً من ذلك سنوضح لكم في الجدول التالي بعض الفروق الرئيسية:
التضخم | الركود |
يحدث في أي وقت بسبب تأثره بالأوضاع الاقتصادية خلال أي فترة زمنية | يحدث عند حدوث ظروف اقتصادية معينة كانهيار سوق الأسهم وتغير معدلات الفائدة |
تظهر نتائج التضخم في زيادة الإنتاج والاستهلاك العام، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في الدولة، على الرغم من ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي | يترتب على ظهورة آثار متعددة على المدى البعيد، كما نلاحظ أن له آثارا قصيرة المدى يؤدي تفاقمها إلى آثار على المدى البعيد. |
يُقاس التضخم باستخدام المؤشرات المرتبطة بأسعار الجملة وأسعار المستهلك | يُقاس الركود الاقتصادي عن طريق مراقبة مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي لمعرفة التغيرات التي قد تطرأ عليه |
يشير إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المُقدَّمة من قبل الدولة، مقابل انخفاض القوة الشرائية لعملة البلد | هو انخفاض النشاط الاقتصادي بشكل إجمالي. |
زيادة نسبة الطلب على بعض الخدمات والسلع مع عدم قدرة اقتصاد الدولة على تلبية الحاجة، ارتفاع كلفة التشغيل والإنتاج، بالإضافة إلى وجود تضخم سابق قد حدث نتيجة مشكلات سابقة في الاقتصاد | يعود سبب الركود إلى فقدان المستهلك ثقته بالاقتصاد، ارتفاع معدلات البطالة، ارتفاع معدلات الفائدة، بالإضافة إلى زيادة حجم القيود الحكومية. |
تأثير الركود على التضخم: هل ينقلب الاقتصاد رأساً على عقب؟
في إطار الحديث عن العلاقة بين التضخم والركود علينا الإشارة إلى أن الركون يؤثر على التضخم بسبب عدة عوامل، فعندما يتعرض الاقتصاد إلى مشكلة الركود نلاحظ انخفاض في الطلب على الخدمات والسلع وذلك بسبب تراجع الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى حدوث تباطؤ في نمو الأسعار وبالتالي تراجع التضخم.
من الجدير بذكره أنه عند حدوث الركود قد تلجأ البنوك المركزية والحكومات إلى اتباع سياسات تحفيزية كزيادة الإنفاق الحكومي وتخفيض أسعار الفائدة، الأمر الذي يؤدي إلى دعم الطلب وبالتالي ارتفاع التضخم.
استراتيجيات فعالة للتغلب على الركود التضخمي:
يعد إيجاد حلول لمشكلة الركود التضخمي من أبرز الأمور التي تشغل حيزاً كبيراً من تفكير الحكومات، حيث توجد العديد من الإجراءات التي قد تكون ملائمة لهذا الأمر وهي كالتالي:
- معالجة الخلل في هيكلية الاقتصاد عن طريق تحسين جاذبية الأنشطة الإنتاجية، وتقليص المكونات الريعية، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد معدلات النمو الاقتصادي في الدول التي تعاني من مشكلة التضخم الركودي.
- الابتعاد عن إصدار المزيد من العملات الورقية لمواجهة عجز الموازنة، لأن ذلك يؤدي إلى تدهور القوة الشرائية وبالتالي حدوث ارتفاع في معدلات التضخم.
- المحافظة على استقرار أسعار السلع الاستراتيجية وعوامل الإنتاج، وبشكل خاص النفط، لأن زيادة تكلفته تعني ارتفاع أسعار جميع المنتجات.
استثمارات ذكية في ظل الركود التضخمي: كيف تحافظ على ثروتك؟
تعد الأسهم الآمنة من أفضل الاستثمارات التي قد يُنصح باللجوء إلى الاستثمار فيها خلال فترة الركود الاقتصادي، إذ من الضروري جداً معرفة أفضل الأسهم التي يمكن شراؤها خلال هذه الفترة، حيث من المفضل الاستثمار في شركات عالية الجودة وتمتلك أسس جيدة، حيث يجب تركيز الانتباه على الشركات التي تمتلك ميزانيات قوية ونسبة ديون منخفضة، ومن الجدير بذكره أنه يجب أن تكون الأسهم ذات تدفقات نقدية ثابتة ومتوقعة.
الأسئلة الشائعة:
هل التضخم يسبب الركود؟
تجدر الإشارة إلى أن حدوث الركود لا يرتبط بالتضخم بشكل مباشر، فالارتفاع في معدلات التضخم لفترات زمنية طويلة قد تؤدي إلى حدوث الانكماش الاقتصادي.
في الختام، يمكننا القول أن التضخم والركود هما من الظواهر الاقتصادية التي يتجلى تأثيرها في العديد من المجالات، كنا يؤثر كل منهما على الآخر في عدة جوانب، مع العلم أن ارتباطهما يظهر واضحاً في التضخم الركودي الذي يجمع بينهما.