يقوم كل من الأفراد والمؤسسات الاقتصادية بشتى أنواعها بالتركيز على إدارة المخاطر المالية نظراً لما تحمله من تهديدات حقيقية تؤثر على سير العمل وبالتالي على العوائد المادية والاستدامة في العمل الاقتصادي، حيث يعتبر الخطأ فيها من النقاط الكارثية التي قد تؤدي إلى فقدان العمل نفسه أو حتى إلحاق للضرر والأذى الكبير في المؤسسات الاقتصادية.
تعتمد الحالة الاقتصادية للعديد من الشركات والمؤسسات وحتى الأفراد على دراسة وضع الأسواق وحركتها للقيام بالنشاطات الاقتصادية المختلفة وفي جميع القطاعات من عمليات بيع وشراء وغيرها، لكن من المحتمل أن يتأثر هذا العمل ببعض المؤثرات الداخلية أي من داخل المؤسسة أو الخارجية المرتبطة بأحوال العالم ككل، لذلك يجب على النشاط الاقتصادي معرفة تلك المؤثرات والعمل على وضع خطط تقديرية لتجنب الوقوع في الكوارث.
سنقوم بتسليط الضوء على عملية إدارة المخاطر المالية من خلال تبيان مفهومها وأهدافها وكيفية التعامل معها، و سنركز على إدارتها في بعض البنى الاقتصادية كما سنقوم بذكر بعض النماذج الحديثة المتبعة في وقتنا الحالي، إبقى معنا وتعرف على كل ما يهمك حول هذا الموضوع المثير للاهتمام.
ماذا يعني إدارة المخاطر المالية؟ تعريف وأهمية إدارة المخاطر في الاقتصاد الحديث:
يمكن تعريف إدارة المخاطر المالية بأنها جميع الخطط والمحاولات التي تعمل على التعامل الصحيح مع الأزمات والكوارث والمشاكل التي قد تصيب الشركة أو المؤسسة لمنع وقوعها في خسائر مالية، بمعنى آخر تعني إدارة المخاطر المالية هي استخدام جميع أساليب التحليل المالي والتعامل مع كل الشكوك الناتجة عن تخبطات الأسواق المالية بهدف معالجة وإدارة التهديدات المالية المختلفة التي من الممكن أن تتعرض لها المؤسسة أو الشركة.
تقوم إدارة المخاطر على معرفة نوعية المخاطر وقياس مستواه العام والخسائر التي يمكن أن يحدثها والعمل بجد على إيجاد خطط وأساليب صحيحة للتخفيف من التأثيرات الناتجة عن تلك المخاطر، وتعد معرفة النصائح التالية من الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار لتجنب الوقوع في الكوارث، وهي كالتالي:
- قم بتوفير احتياطي نقدي يساعدك عند الوقوع بالخسائر.
- المحافظة على حسابات الذمم المدينة المنخفضة.
- قلل من الديون الغير ضرورية.
- قم بالتعاقد مع الشركات التأمينية.
- استثمر مع الموظفين واجعلهم على بينة من كل الكوارث والمخاطر التي قد تحدث لتجنب وقوعهم في الأخطاء.
أهداف إدارة المخاطر المالية: غايات ومنافع:
يقوم كل الأفراد والشركات الاقتصادية على تحديد مواقع الخطر والعمل على تلافيها لاستدامة العمل ويعتبر هذا الفعل بمثابة الهدف الأسمى لإدارة المخاطر المالية بالإضافة إلى الأهداف التالية:
- حماية الأصول.
- تحسين الموازنة بين العائد المالي ونسبة المخاطرة.
- تعزيز المرونة المالية الشاملة للشركة أو المؤسسة الاقتصادية.
- تطوير أطر ووسائل إدارة المخاطر المالية.
- تنفيذ التدابير اللازمة لإدارتها والتخفيف من حدتها بفاعلية تامة.
كيف يتم التعامل مع المخاطر المالية؟ استراتيجيات وتقنيات:
يتم التعامل مع المخاطر المالية المتوقعة للأشخاص أو للشركات الاقتصادية من خلال استراتيجيات محددة قام بوضعها الخبراء والباحثين في هذا المجال، حيث أثبتت جدارتها وفعاليتها في الحد من تأثيرات تلك المخاطر، وتتمثل تلك الاستراتيجيات بما يلي:
- تنويع الاستثمارات فهي أحد الأساليب المهمة في تقليل المخاطر المالية.
- استخدام المشتقات المالية مثل options أو العقود الآجلة futures للحماية من المخاطر المالية المحتملة.
- التأمين من قبل شركات التأمين.
- التحوط والذي يتمثل باستخدام أدوات مالية لتقليل تقلبات الأسعار على الأصول المالية.
- الإدارة الصحيحة والفعالة للديون.
إدارة المخاطر في الأسواق المالية: آليات وتحديات:
تتعرض الأسواق المالية للعديد من المخاطر المالية والتي سوف نقوم بتحديدها على النحو الآتي:
- مخاطر التقلب وتعني التقلبات التي تحدث على أسعار الأصول من ارتفاع أو انخفاض مفاجئ، وتعتبر من الأحداث الخطيرة التي تشكل تهديد واضح للأصول، ويمكن أن يكون لها دور إيجابي في تحقيق عائد مادي عالي في حال زيادة الأسعار.
- مخاطر السيولة حيث يعتبر كل زيادة في عدد الأشخاص في السوق زيادة في السيولة وبالتالي زيادة القدرة على شراء الأصول وبيعها، حيث يمكن أن يكون هناك مخاطرة عند قلة الطلب بحيث عدم تمكن الشخص من بيع أصوله أو حتى بيعها بسعر أقل من المتوقع ويعود ذلك إلى عدم الاهتمام بالسوق أو بسبب بعض القيود التنظيمية أو الأزمات الاقتصادية.
- مخاطر الأسهم وهذا يتم من خلال شراء بعض الأسهم من شركة معينة وبالتالي أصبحت جزء من هذه الشركة يحق لك الحصول على ارباحك منها على قدر نسبتك المئوية منها وهذا يعتمد على قيمة الأسهم المشتراة، وهما يكمن الخطر حيث من الممكن أن ينخفض سعر السهم وبالتالي سوف يحقق لك خسائر مالية.
- مخاطر العملة أو مايسمى مخاطر صرف العملات الأجنبية وهذا مرتبط بأسعار الصرف سواء أكان في تزايد أو انخفاض، فعند شراء عملة معينة بسعر معين وصرفه عند ارتفاع أسعار الصرف سيحقق بالتأكيد ربح لك لكن عند تصريفه بسعر منخفض عن السعر الذي اشتريته فيه سيحقق لك خسائر مالية ضخمة، لذلك يحب معرفة وتحليل السوق قبل البدء بعملية التصريف لتجنب الوقوع بالخسائر.
- مخاطر السلع وهذا يعتمد على التغيرات التي تطرأ على أسعارها حيث تتمثل هذه السلع بالنفط والغاز والمعادن الثمينة والمنتجات الزراعية، وترتبط الأسعار على حسب درجة العرض والطلب لها.
- مخاطر التضخم والتي قد يؤثر على حركة السوق من خلال التأثير على أداء العمل وسلوك الناس.
- المخاطر النظامية والتي تشير إلى انهيار النظام المالي بأكمله ويحدث هذا إما بسبب حدث كبير جداً، أو بسبب ركود السوق.
إدارة المخاطر المالية في البنوك: دور البنوك في تقييم وإدارة المخاطر المالية:
تتعرض البنوك والمصارف للعديد من المخاطر المالية عند ممارستها الأنشطة المصرفية وتزداد على حسب ازدياد حجم المؤسسة وانتشارها، وتشمل المخاطر التي تتعرض لها البنوك الأنواع التالية:
- المخاطر المالية تشمل هذه المخاطر مخاطر الائتمان ومخاطر السوق ومخاطر السيولة في البنك.
- المخاطر التشغيلية التي تعد جديدة هوعاً ما لكنها قد تؤثر تأثيراً كبيراً على البنك أو المؤسسة المصرفية ومن الممكن أن تؤدي إلى انهياره.
- مخاطر الأعمال وهي المخاطر الناجمة عن البنك نفسه عند اتخاذ قرارات خاطئة أو تنفيذ القرارات بشكل خاطئ أو في غير موعدها الصحيح وهذا مايؤثر بشكل كبير على البنك وإلحاق الأضرار الكبيرة فيه.
- المخاطر القطرية وهي المخاطر التي قد تنجم عند عدم وفاء الدولة بالتزاماتها له بسبب أحداث سياسية أو اقتصادية أو بيئية أو اجتماعية متعلقة بالدولة نفسها.
إدارة المخاطر المالية في المؤسسة الاقتصادية: استراتيجيات فعالة داخل الشركات والمؤسسات:
يمكن تعريف مفهوم إدارة المخاطر المالية في المؤسسات الاقتصادية بأنه عملية التخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة لجميع الأعمال التي تتم في المؤسسة بهدف التقليل من الآثار الضارة على المؤسسة من أرباح وغيرها، وتشمل هذه الإدارة كل من المخاطر التشغيلية والمخاطر الاستراتيجية والمخاطر المالية بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بالخسائر العرضية في المؤسسة.
تقوم إدارة المخاطر المؤسسية بوضع جميع الخطط لأي نوع من المخاطر المحتملة والتي تتمثل بالامتثال والقانونية والاستراتيجية والأمنية والتشغيلية والمالية والبشرية، والعمل على الحد منها بهدف بقاء المؤسسة واستمرار عملها وبقاءها في السوق.
ويمكن تحديد مكونات إدارة المخاطر في المؤسسة الاقتصادية بالنقاط التالية:
- تحديد الأهداف منها.
- تقييم المخاطر المحتملة.
- الاستجابة التامة للمخاطر.
- دراسة بيئة الأعمال الداخلية.
- العمل على تحديد الحدث.
- تفعيل أنشطة المراقبة.
- العمل على تدريب الموظفين وتثقيفهم لفهم تلك المخاطر.
- العمل على رصد المخاطر بشكل مستمر والعمل على إيجاد الحلول له بأسرع وقت ممكن.
النماذج الحديثة في إدارة المخاطر المالية: ابتكارات وتطورات:
تعتمد النماذج الحديثة في إدارة المخاطر من تحليلات البيانات والتقنيات الكمية المتقدمة والتكنولوجيا بهدف تعزيز كفاءة ودقة تقييم المخاطر والتقليل من حدتها، لذلك نطلعكم فيما يلي على أبرز هذه النماذج الحديثة:
- القيمة المعرضة للخطر وهو مقياس إحصائي يتم استخدامه لتحديد الخسائر المتوقعة في محفظة الأصول المالية خلال مدة زمنية محددة، حيث تشمل هذه النماذج أساليب إحصائية متطورة كعمليات محاكاة مونت كارلو، بهدف توفير تقييم شامل بشكل أكبر لمخاطر السوق.
- اختبار الإجهاد الذي يتضمن محاكاة سيناريوهات متطرفة وفي نفس الوقت معقولة بهدف تقييم التأثير على المحفظة المالية، تتضمن هذه النماذج متغيرات السوق وعوامل الاقتصاد الكلي، بالإضافة إلى المخاطر التشغيلية بهدف تقييم أداء المحفظة خلال الظروف المعاكسة.
- تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي التي يتم تطبيقها في إدارة المخاطر المالية من أجل التحليلات التنبؤية واتخاذ القرار والتعرف على الأنماط، حيث تساعد هذه النماذج بتحليل كميات كبيرة من البيانات بهدف تحديد الاتجاهات الناشئة والمخاطر، بالإضافة إلى تعزيز التنبؤ بالمخاطر وإدارتها.
- نماذج تسجيل الائتمان المتقدمة التي تستخدم خوارزميات التعلم الآلي عند تقييم مخاطر الائتمان بشكل دقيق، كما تعمل على دمج العوامل الديناميكية ومصادر البيانات غير التقليدية لفهم الجدارة الائتمانية للمقترضين بشكل أدق.
- نماذج مخاطر السيولة التي تستخدم تقنيات اختبار الضغط وعمليات محاكاة متطورة من أجل تقييم قدرة المنظمة على تسديد التزاماتها المالية قصيرة الأجل في ظل ظروف مختلفة، كما تساعد في تحديد النقص المتوقع في السيولة.
- نماذج المخاطر التشغيلية التي تستخدم تحليل السيناريوهات والأساليب الإحصائية بهدف تحديد تأثير المخاطر غير المالية مثل: تهديدات الأمن السيبراني والامتثال التنظيمي، بالإضافة إلى فشل العمليات التجارية، أي أنها تعمل على تطوير استراتيجيات من شأنها تخفيف المخاطر.
- تقنية بلوك شين ودفاتر الأستاذ الموزعة والتي يتم استكشافها لدعم إدارة المخاطر في عدة مجالات كعمليات التسوية والشفافية ومنع الاحتيال.
في الختام، نجد أن إدارة المخاطر المالية تتم من خلال فريق مختص بهذا العمل يعمل بجد ونشاط مستمر لتحديد العيوب والمشاكل والكوارث المحتملة التي يمكن أن تصيب أي شركة أو بنك أو مؤسسة وإيجاد الحلول لها بأسرع وقت ممكن لضمان سير العمل واستمرارية الشركات و تحقيق الهدف التي نشأت من أجله، لذلك يجب أخذه بعين الاعتبار في جميع الأعمال الاقتصادية التي يمكن أن تقوم بها.