يُصنَّف الاقتصاد الاخضر كأحد أبرز الاستراتيجيات الجديدة التي تهدف إلى التقليل من المخاطر البيئية المرتبطة بالاقتصاد، فهو بذلك يحقق التنمية المستدامة دون إحداث أي أضرار في النظام البيئي.
يحتوي هذا النظام الصديق للبيئة على 6 قطاعات الطاقة المتجددة والمباني الخضراء، بجميع ما تحتويه من طاقة الرياح، الطاقة الشمسية، إدارة المياه، النقل المستدام، إدارة النفايات وإدارة الأراضي.
ما هو الاقتصاد الأخضر؟ ما هي مبادئه؟ ما أسباب ظهوره وأهدافه؟ ما تأثيره على الأعمال؟ تابع معنا السطور التالية من إيكونومتريك التي سوف نجيب فيها على هذه التساؤلات وغيرها العديد.
تأثير الاقتصاد الأخضر على مستقبل الأعمال والاستثمار:
في البداية لا بد من أن نشير إلى أن الاقتصاد الأخضر هو الاقتصاد الذي يُبنى على توليد جزء قليل من الكربون، بحيث يكون نمو العمالة والدخل مدفوعين بالاستثمار العام والخاص في الأصول والأنشطة الاقتصادية والبنية التحتية التي تعمل على تعزيز كفاءة استخدام الطاقة والموارد، كما تقلل من نسبة التلوث وتجنب خسارة التنوع البيولوجي، إذاً هو منهجية تعمل على دعم التفاعل بين الإنسان والطبيعة بما يلبي احتياجات الطرفين.
يتجلى دور هذا النوع من الاقتصاد على العمل من خلال قدرته على الحد من البطالة والفقر، كما يهدف إلى تحويل جميع ما هو في البيئة إلى مشاريع اقتصادية، مع ضرورة استخدام طرق ووسائل صديقة للبيئة، لذلك فالجمع بين حماية البيئة والمهنة أدى إلى ظهور ما يُسمى بالوظيفة الخضراء التي لها نتائج مستدامة بيئياً واقتصادياً واجتماعياً، حيث لا ينحصر هذا الأمر على العطاء بل بضرورة الاهتمام بالعنصر الإنساني عن طريق ضمان الأجور الكافية ووصول منفعتها إلى الفئات الضعيفة في المجتمع، بالإضافة إلى العمل المشروط باحترام حقوق العمال والأمان.
تحول العديد من الدول إلى الاقتصاد الأخضر يعني الحاجة الفعلية لابتكار مهارات ووظائف جديدة متوافقة مع التغيرات المناخية، في هذا الإطار أظهرت منظمة العمل الدولية أن هذا الاقتصاد قادر على خلق 24 مليون وظيفة في مختلف أنحاء العالم وذلك بحلول عام 2030، مع العلم أنه توفر العديد من المهارات لدى العمال هي: مهارات المراقبة، مهارات علمية ومعرفية، مهارات إدارة العمليات التي تشمل التفكير التصميمي والإبداعي، التعاطف والقدرة على المرونة والتكيف، بالإضافة إلى المهارات الهندسية والتقنية التي تشمل معارف الترميز وبرمجة الحاسوب وإدارة المشاريع المالية.
في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى القطاعات الرابحة التي سوف تشهد انتعاشاً نتيجة عملية التحول إلى الاقتصاد الأخضر ألا وهي: صناعة البناء وكل ما يتعلق به من الفحوصات الفيزيائية والكيميائية، بالإضافة إلى صناعة مكاتب الهندسة المعمارية، انطلاقاً من أن هذه الصناعات هي المسؤولة عن إنشاء بنية تحتية جديدة التي من مهامها تدعيم وسائل النقل الخضراء والتوسع في إنتاج الطاقة المتجدد، ولا يمكننا أن ننسى الشركات المتعلقة بتقنية المعلومات بسبب اعتماد التحول الاجتماعي البيئي بشكل كبير على التحول الرقمي المتقدم، كل ذلك يشير إلى أنه ستحدث تغيرات هيكلية في سوق العمل من شأنه دعم صناعة التعليم والتدريب للحصول على عمالة ماهرة قادرة على مواكبة التغيرات.
قد يهمك: فوائد العملات الرقمية في اقتصاد الدول النامية
المبادئ الأساسية للاقتصاد الأخضر والاستدامة:
يعتمد هذا النوع من الاقتصاد على 5 مبادئ رئيسية وفق الآتي:
- ينصب اهتمام هذا النوع من الاقتصاد على الإنسان بشكل كبير، كما يسعى إلى زيادة رفاهية الجميع من جميع النواحي الاقتصادية ورأس المال البشري والثقافي والاجتماعي والمادي، كما يمنح أولوية الوصول إلى التعليم والمعرفة والبنية الرئيسية المستدامة، بالإضافة إلى العمليات وتقنيات الإنتاج الأكثر صداقة للبيئة.
- تعزيز الحوكمة الرشيدة والعدالة، حيث يقوم على مؤسسات شفافة ومرنة ومسؤولة، بالإضافة إلى تعزيز الحوار المفتوح وعملية اتخاذ القرار اللامركزية، كما يعمل على جعل القرارات تُتخذ بعيداً عن المصالح الخاصة، أي أنه يتبع نهج تعاوني يساعد في حل المشكلات.
- التخلص من الفقر حيث يتجلى ذلك بفتح وإنشاء قطاعات اقتصادية جديدة تحتاج إلى مهارات وتدريب جيد، أي أنه يخلق المزيد من فرص العمل، كما أنه شامل وغير تمييزي يركز على تأمين فرص متساوية بين الناس.
- كفاءة الطاقة حيث يهتم باستخدام الموارد بطريقة مثلى وذلك من خلال تدوير الأشياء وتقليل النفايات إلى أدنى حد.
- يعتمد هذا الاقتصاد على استخدام مصادر الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تبعث كميات قليلة جداً أو معدومة من ثاني أكسيد الكربون.
قد يهمك: أفضل الطرق لاستثمار المال في الوقت الحالي 2024
أمثلة ناجحة لمشاريع الاقتصاد الأخضر حول العالم:
سنذكر لكم فيما يلي قائمة تضم أبرز الأمثلة على استخدام هذا الاقتصاد من قبل الناس في حياتهم اليومية وكذلك من قبل الشركات:
- اختيار منتجات زراعية محلية لم يُضاف إليها أي أسمدة أو مبيدات كيميائية.
- الاعتماد على التنقل المستدام كاستخدام السيارات الكهربائية والدراجات البخارية عوضاً عن الوسائل التي تعمل بالوقود الأحفوري.
- استخدام مواقد كهربائية للطبخ عوضاً عن استخدام مواقد الغاز.
- العمل على تقليل استخدام الطاقة كضبط مكيفات الهواء على درجات حرارة مرتفعة خلال فصل الصيف، عوضاً عن اللجوء إلى إعادة تدوير بطاريات الليثيوم المضرة بالبيئة.
- تشغيل الآلات والمصانع باستخدام مصادر الطاقة البديلة منخفضة الكربون.
ما الذي دفع العالم نحو الاقتصاد الأخضر؟
من الجدير بذكره أن البيئة الطبيعية كانت سابقاً في غاية الجمال والروعة لما تضمه من غابات وشلالات وبحيرات وحقول خضراء، إلا أنها شهدت في وقتنا الراهن تراجع كبير بسبب استخدام المواد الكيميائية ومواد التنظيف الصناعية من قبل الإنسان وبشكل مدمر، الأمر الذي أثر بدوره سلباً على صحة الإنسان بسبب انتشار الملوثات والمركبات العضوية المتطايرة، لذلك تم اللجوء إلى هذا النوع من الاقتصاد كاستراتيجية بديلة تساهم في حل هذه المشاكل.
قد يهمك: فوائد العملات الرقمية في اقتصاد الدول النامية
كيف يسعى الاقتصاد الأخضر لتحقيق مستقبل مستدام؟
تتمحور أهداف الاقتصاد الأخضر على الوصول إلى التنمية الاجتماعية والاقتصادية وفق آلية مستدامة ومتوازنة ما البيئة، وفيما يلي سنذكر أبرز هذه الأهداف:
- حماية البيئة من التلوث والتدهور، طما يسعى إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي.
- الحفاظ على التنمية الاقتصادية بطريقة يتم من خلالها المحافظة على استدامة الموارد وتحقيق المزيد من الفرص الاقتصادية للأشخاص.
- تحسين جودة الحياة عن طريق توفير بيئة صحية ونظيفة، مع الحد من تأثيرات التلوث البيئي على الصحة العامة.
- تحقيق التوازن بين حماية البيئة والنمو الاقتصادي، بمعنى أن النمو الاقتصادي يعتمد على استمرار بقاء الموارد الطبيعية وتجنب التدهور البيئي.
- تعزيز الابتكار وتطوير الممارسات والتقنيات البيئية المستدامة، حيث تشمل تشجيع الصناعات الصديقة للبيئة والوظائف الخضراء.
استثمارات في المستقبل: أبرز مشاريع الاقتصاد الأخضر العالمية:
لقد فازت العديد من مشاريع الاقتصاد الأخضر على (جائزة إيكوستارت 2020) أبرزها:
- مشروع صناعة طوب إيكولوجي المرتبط بإعادة تدوير مخلفات البناء ونفايات من أجل صنع طوب إيكولوجي عازل بتكلفة منخفضة.
- مشروع المزرعة المائية الهادف إلى إنتاج علف الماشية ضمن المناطق اليابسة التي تخضع لظروف مناخية قاسية.
- الاعتماد على أمواج البحر من أجل إنتاج الطاقة.
- صنع مرشحات حيوية بالاعتماد على الدود الأرضي من أجل تطهير المياه العادمة وإعادة استعمالها.
في الختام، يعد الاقتصاد الأخضر من الحلول الملائمة للقضايا المقلقة التي تواجه الأفراد والدول على حد سواء، بما فيها المشاكل المرتبطة بالتغير المناخي وعدم اللجوء إلى الطاقة النظيفة كبديل عن استخدام الوقود الأحفوري ذو النتائج المدمرة على الأرض، أي أنه رؤية مستقبلية وضعت لمواجهة التحديات البيئية العالمية.