تعد المدن الذكية من أهم القضايا التي حازت على اهتمام واسع من قبل عدد كبير من الباحثين، وذلك يعود إلى التزايد الهائل في عدد السكان حول العالم، الأمر الذي أدى إلى ضرورة وضع خطط استراتيجية تعتمد على التقنية والاستدامة.
تجدر الإشارة إلى أن عملية الانتقال من المدن التقليدية إلى المدن الذكية تعد من أكبر التحديات، إلا أنه يستحق العناء بفضل ما يقدمه من فرص مميزة من شأنها تحسين نوعية الحياة.
ما هي أبرز التحديات التي تواجهها عملية الانتقال إلى المدن الذكية؟ ما هي أسس التخطيط لها؟ وما أهم التساؤلات التي تدور حولها؟ إبقى معنا في هذا المقال من إيكونوم تريك لمعرفة الإجابة عن هذه التساؤلات.
التحديات الاقتصادية للتحول إلى المدن الذكية: تحليل شامل
في البداية لا بد من أن نشير إلى أن المدن الذكية هي عبارة عن مدن مزودة بتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى الابتكارات الحديثة التي تهدف إلى تحسين حياة السكان مع تفعيل البنية التحتية ودور الخدمات الحكومية، تتميز باستخدامها الفعال للتكنولوجيا والبيانات والتحليلات لتعزيز الكفاءة والاستدامة وتحسين تجربة السكان، من الجدير بذكره أنه التحول إلى المدن الذكية يواجه عقبات وتحديات اقتصادية يمكننا توضيح أبرزها فيما يلي:
تحديات البنية التحتية:
يعد توفر البنية التحتية القوية من الشروط الرئيسية لتطبيق التقنيات الذكية بشكل فعال والافتقار لها هو من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في إدارة هذه المدن، فقد يكون النقص في الهياكل الأساسية المادية كشبكات الاتصالات وأجهزة الاستشعار، كما قد يكون في الهياكل الأساسية المادية مثل اللوائح التنظيمية الداعمة والسياسات، لا يمكننا أن ننسى الإشارة إلى أنه من العسير تنفيذ بنية تحتية تحقق احتياجات الجميع، لذلك يجب التخطيط والتنسيق الدقيق من قبل الحكومات لضمان استفادة الجميع من هذه التقنيات.
تحديات التمويل:
تتطلب إدارة المدن الذكية مبالغ مالية ضخمة وهذا أمر صعب بالنسبة لبعض الدول وبالأخص الدول النامية، على الرغم من أنه قد يتم اللجوء إلى الاعتماد على البنى والهياكل المتوفرة إلا أنها تحتاج إلى تشغيل وصيانة ومعالجة الأمر الذي يتطلب أيضاً توفر مبالغ مالية ليست ببسيطة، حيث يتوجب الموافقة بين رأس المال الأولي والقيمة المالية اللازمة لإتمام مشاريع المدن الذكية.
أسس تخطيط المدن الذكية في العالم: نموذج للتنمية المستدامة:
يشير مصطلح تخطيط المدن الذكية إلى المفاهيم والمبادئ التوجيهية التي تعتمد في عملها على الاستدامة والتقنيات والمشاركة المجتمعية، وذلك بهدف التخطيط الحضري وإجراء مجموعة من التحسينات التي من شأنها نوعية وكفاءة وجودة الحياة للمقيمين، علاوة على دورها في تحقيق التوازن البيئي والاقتصادي والاجتماعي، وفيما يلي سنطلعكم على هذه الأسس:
- تقنية المعلومات والاتصالات التي تؤدي دوراً بارزاً في تطوير المدن الذكية، فهي قادرة على توفير حلول من شأنها تحسين الخدمات الحكومية وتحسين إدارة البيانات.
- يعد التنقل الذكي والنقل العام من الأمور المساهمة بشكل كبير في تحسين البنية التحتية الحضرية وزيادة نسبة الإنتاجية والراحة للسكان.
- تشجع هذه المدن المشاركة المجتمعية وإتاحة الفرصة أمام السكان لإبداء وجهات نظرهم، حيث تتم معرفة ذلك عن طريق استطلاعات الرأي العامة التي تتم عبر الإنترنت، بالإضافة إلى المنصات الرقمية.
- الأمن السيبراني الذي يعد من العناصر الهامة في حماية الأنظمة الحيوية والبيانات الخاصة بالمدينة الذكية.
- فرص العمل والحرية الاقتصادية، أحد أبرز العوامل المؤثرة على الحياة السلمية وطريقة حياة سكان الحضر.
- الوصول إلى الخدمات التعليمية والصحية عبر الإنترنت الأمر الذي يؤدي إلى زيادة قدراتهم، ويعد نظام الرعاية خير مثال على ذلك الذي يمكن من قياس ضغط الدم ومعدل ضربات القلب على مدار الساعة.
تحديات المدن الذكية: من التقنية إلى التنفيذ العملي:
يمكننا القول أنه على الرغم من سعي مختلف الحكومات إلى إدارة المدن الذكية إلا أنه ليس بالأمر اليسير، حيث يواجه العديد من التحديات التي سنذكر أبرزها فيما يلي:
تحديات خصوصية البيانات والأمن:
كما ذكرنا أن المدن الذكية تنطوي على جمع المعلومات الحساسة وتخزينها ومعالجتها، فهي تولد عدد كبير من المعلومات عن طريق عدة أجهزة تعتمد عليها كالمستشعرات والكاميرات، حيث يكمن الخوف هنا من استخدامها بشكل غير مدروس أو مسؤول أو حتى بهدف إحداث أذى تؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان، بالإضافة إلى العديد من المخاطر التي تؤدي إلى فقدان الثقة بنظام المدينة وبالتالي تخفيض مشاركة المواطنين، وتجدر الإشارة إلى أنه مع ازدياد رقمنة المدن تزيد نسبة التهديد السيبراني، حيث قد يلجأ المخترقين إلى استغلال نقاط الضعف التي يعاني منها نظام المدينة بهدف شن هجمات إلكترونية على الأنظمة والأجهزة.
التحديات السياسية:
تعتمد مشاريع المدن الذكية على تحويل الوظائف الحاسمة إلى أنظمة الحاسوب، الأمر الذي يتطلب موافقة الجمهور على اقتناء البنية التحتية الرقمية، إلا أنه في هذه الحالة يتم استبعاد المنظمات المجتمعية من اتخاذ القرار الأمر الذي يقد يؤدي إلى ظهور توترات سياسية، علاوة على أن مشاريع هذه المدينة قد لا تخدم جميع أفراد المجتمع مما يسبب مشاكل متعلقة بعملية الإدماج الاجتماعي، نضيف على ذلك مشكلة الإنصاف الرقمي أي أنه لن تتوفر لجميع الافراد فرص متساوية تمكنهم من الوصول إلى التكنولوجيا المطلوبة من أجل المشاركة في الحياة الرقمية، الشيئ الذي يؤدي نشوب صراع بين أفراد المجتمع.
رفض بعض المواطنين لمبادرات المدن الذكية:
يمكن اختصار هذه المشكلة في النقاط التالية:
- عدم تنفيذ الحلول الذكية بشكل جيد نتيجة عدم الفهم الكامل المفهوم المدن الذكية من قبل البلديات والقطاعات العامة.
- عدم مشاركة المواطنين في تحديد متطلباتهم الأمر الذي يؤدي إلى انعدام الثقة بين الحكومة والمواطنين، على الرغم من وجود منصات مشاركة مخصصة يستطيعون من خلالها التصويت وتقديم المقترحات والمناقشة، إلا أنهم قد لا يدركون وجودها أو لا يعلمون أهمية مشاركتهم بها، بالتالي يصعب على الحكومة تحديد ما يريده المواطن.
- التردد من قبل المواطنين في خلق القيمة، حيث يشعر البعض أن خصوصياتهم يتم انتهاكها.
- استياء السكان من العملية الديمقراطية والتقنيات الذكية فقد يشعرون بأن التقانة لا تلبي احتياجاتهم ولا يتم إشراكهم بشكل جدي في عملية صنع القرار.
- الاختلافات الثقافية.
- التنسيق بين القطاعين العام والخاص.
ما هي المعايير الأساسية لتحقيق مدينة ذكية فعالة؟
يعتمد تحقيق أهداف المدن الذكية على عدة معايير سنذكر أبرزها فيما يلي:
- التكنولوجيا المتقدمة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي والإنترنت والحوسبة السحابية وغيرها العديد من التقنيات.
- البنية التحتية الذكية التي تقوم بدمج التكنولوجيا مع البنية الأساسية للمدينة.
- الأمان السيبراني الذي يتمثل بحماية الأنظمة الحيوية والبيانات الحساسة من الهجمات السيبرانية.
- التشاركية والشفافية.
- الاستدامة.
- الجودة البيئية.
- التعليم والثقافة.
الأسئلة الشائعة:
ما هي التحديات التي تواجهنا لتحويل مدننا إلى مدن ذكية؟
إرضاء جميع تطلعات المواطنين بما يتوافق مع ظروف السكان والأنشطة الاقتصادية، بالإضافة إلى الضغط لتقديم الخدمات التقليدية نتيجة الزيادة السكانية.
كيف تحقق المدن الذكية التنمية المستدامة؟
عن طريق تجنب استخدام المواد التي تحتاج إلى استهلاك كبير للطاقة من أجل التحويل أو النقل.
في الختام، يمكننا القول أن المدن الذكية هي مجتمعات يقودها التطور التكنولوجي الهادف إلى الارتقاء بحياة السكان بالاعتماد على العديد من الوسائل، علاوة على اهتمامها بتوفير الأمن والأمان، فهي بيئة مثالية يحلم أن يتواجد بها أي مواطن إذا أُحسن استخدامها.