مع اقتراب فصل الشتاء يتزايد التفكير بكيفية إدارة نفقات الطاقة الشتوية، فكما نعلم أن الطلب على الطاقة يتزايد في هذا الفصل نتيجة الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، وذلك بهدف تدفئة المنازل والمباني التجارية، حيث نلاحظ ضرورة تشغيل أنظمة التدفئة لفترات زمنية أطول.
الفرن، السخانات الكهربائية، السخانات المائية، هي أحد أبرز الأجهزة المنزلية التي يتم تشغيلها بشكل أكبر في الأيام الباردة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الفواتير الشهرية، هذه الحاجة المتزايدة تزيد من الضغط على شبكات الطاقة، مما يستدعي ضرورة التخطيط الفعال لموارد الطاقة المتنوعة.
ما هي أسباب ارتفاع نفقات الطاقة الشتوية؟ ما هي استراتيجيات تقليل تكاليف الطاقة في الشتاء؟ ما هو الدور الذي تلعبه الحكومات في ترشيد الطاقة؟ هذه التساؤلات وغيرها العديد سنجيب عنها في هذا المقال من إيكونومتريك، تابع معنا.
أسباب ارتفاع نفقات الطاقة الشتوية: زيادة الطلب على التدفئة والكهرباء.
يعد التزايد الملحوظ في استهلاك الطاقة خلال فصل الشتاء من أبرز التحديات التي تواجه مقدمي خدمات الطاقة، فهم بحاجة إلى زيادة القدرات الإنتاجية باستخدام تقنيات مبتكرة، لذلك لا بد بدايةً من الإشارة إلى الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع النفقات في هذا الفصل وهي كما يلي:
زيادة الطلب على التدفئة:
كما نعلم أن فصل الشتاء يُعرَف بالانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة خلاله، حيث يتطلب ذلك استخدام أنظمة التدفئة بشكل أكبر من أي وقت آخر، هذه الأنظمة تحتاج إلى الكثير من الطاقة لتقديم التدفئة اللازمة للمنازل والأبنية التجارية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الغاز والكهرباء، وبشكل خاص في المناطق الأشد برودة والتي تتطلب تدفئة مستمرة على مدار اليوم الأمر الذي يعزز من ارتفاع النفقات وزيادة استهلاك الطاقة.
زيادة استهلاك الكهرباء:
في الشتاء يقصر النهار ويطول الليل، الأمر الذي يعني استخدام المزيد من الإنارة الكهربائية، بالإضافة إلى استخدام أكبر للأجهزة الكهربائية الإضافية كالسخانات المائية والسخانات الكهربائية وأجهزة الطهي خلال الأيام الباردة، كل ذلك يزيد من الضغط على الشبكة الكهربائية، وبالتالي حدوث زيادة في فواتير الكهرباء.
الضغوط على البنية التحتية للطاقة:
يعد الضغط المتزايد على البنى التحتية للطاقة من أبرز أسباب ارتفاع نفقات الطاقة الشتوية، حيث يتجلى ذلك في التحديات التي تواجهها شبكات النقل ومحطات توليد الكهرباء لسد الحاجة المتزايدة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية والصيانة، فهذا الضغط المتزايد يتطلب ترقيات وتحسينات للبنية التحتية مما يسبب أيضاً ارتفاعاً إضافياً في النفقات الإجمالية.
استخدام الوقود الإضافي:
يلجأ العديد من الأشخاص في بعض المناطق الشديدة البرودة إلى استخدام الوقود لتوليد الطاقة والحصول على المزيد من التدفئة مثل الفحم أو النفط، مما يزيد من أسعارها في فصل الشتاء بسبب الطلب المتزايد عليها، وبالتالي ارتفاع تكاليف الطاقة للشركات والعائلات، علاوة على ما تحدثه الظروف المناخية القاسية من تعقيد في عمليتي النقل والتوزيع، بالتالي زيادة في تكاليف الوقود.
اقرأ أيضًا: مقارنة بين الأسهم والسندات
خطط ترشيد للطاقة في الشتاء: استراتيجيات لتقليل التكاليف (التكنولوجيا، السلوكيات).
هناك العديد من الاستراتيجيات السلوكية والتكنولوجية التي تساعد المستهلكين في التقليل من نفقات الطاقة الشتوية، لذلك سنذكر لكم في السطور التالية أبرز هذه الخطط والاستراتيجيات:
استراتيجيات تساعد في تقليل تكاليف الطاقة باستخدام التكنولوجيا:
تلعب التكنولوجيا دوراً كبيراً في تخفيض تكاليف الطاقة خلال فصل الشتاء، حيث يتمثل ذلك في عدة استراتيجيات سنذكر أبرزها فيما يلي:
- الاستثمار في أنظمة التدفئة الذكية: والتي يتم التحكم بها عبر أجهزة الهواتف الذكية، تعمل هذه الأنظمة على تعديل درجات الحرارة وفقاً للاحتياجات الفعلية والجداول الزمنية، مما يؤدي إلى توفير الطاقة عند عدم الحاجة إلى التدفئة.
- العزل الحراري المحسن: الذي يتطلب التأكد من عزل المباني والمنازل بشكل جيد ليقلل من الحاجة إلى التدفئة ويحفظ الحرارة، حيث يمكن استخدام أبواب عازلة ونوافذ مزدوجة الألواح.
- استخدام أجهزة ذات كفائة عالية تحمل علامة كفاءة مثل نجمة الطاقة، كونها تستهلك الطاقة بشكل أقل وتعمل على توفير التدفئة بشكل مميز.
- إضاءة موفرة للطاقة من خلال استخدام مصابيح حديثة بدلاً من المصابيح التقليدية، فهي تدوم لفترة زمنية أطول مع استهلاك أقل الكهرباء، وبالتالي تخفيض تكاليف استهلاك الكهرباء مع مرور الوقت.
استراتيجيات تساعد في تقليل تكاليف الطاقة عبر السلوكيات:
يستطيع الأفراد اتباع العديد من الاستراتيجيات التي تساعد في الحد من نفقات الطاقة الشتوية، وذلك باتباع العديد من الخطوات أبرزها ما يلي:
- العمل على ضبط منظمات الحرارة على درجة حرارة معتدلة، بالإضافة إلى الحد من ارتفاع الحرارة داخل المباني، حيث يستطيع الأشخاص تقليل درجات الحرارة خلال فترة النوم وعندما يكون المنزل خالياً من الأفراد.
- فتح النوافذ والستائر خلال فترة النهار وذلك لتدخل أشعة الشمس إلى المنزل وتعمل على تدفئته، يمكن غلق هذه النوافذ مع غروب الشمس للحفاظ على دفء المنزل.
- استخدام مراوح سقفية تدور بشكل عكسي وذلك لتوزيع الدفء المتركز عند السقف إلى جميع أجزاء الغرفة.
اقرأ أيضًا:دليلك إلى معرفة أثر الضرائب على الاقتصاد الرقمي
الدور الحكومي والسياسات الداعمة لترشيد الطاقة: دعم الأسر المتضررة.
تستطيع حكومات الدول في ترشيد الاستهلاك للحد من نفقات الطاقة الشتوية باتباع العديد من السياسات التي سنشير إلى أبرزها في السطور التالية:
- وضع أطر تشريعية ولوائح تنظيمية تُلزم الشركات والأفراد بترشيد الطاقة والتقليل من استخدامها، حيث تشكل التوجيه نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى معايير كفاءة الطاقة للمباني والأجهزة.
- تقديم الدعم للأبحاث والتطوير المرتبط بمجال كفاءة الطاقة وتقنيات الطاقة المتجددة، من خلال تمويل هذه المشاريع البحثية ومنح الشركات التي تعمل في مجال استثمار تقنيات الطاقة العديد من الحوافز.
- إطلاق حملات توعية تشجع من خلالها الجمهور على ترشيد الطاقة، وذلك عن طريق توضيح الفائدة من توفير الطاقة، بالإضافة إلى تقديم نصائح للشركات والأفراد فيما يخص تقليل استهلاك الطاقة.
في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى السياسات التي قد تتبعها الحكومات لدعم ترشيد الطاقة، أبرزها ما يلي:
- تقديم حوافز مالية كالقروض الميسرة والإعفاءات المالية للأفراد والشركات الذين يستخدمون التقنيات والممارسات الخاصة بكفاءة الطاقة.
- توفير الدعم المالي للعائلات المتضررة من زيادة تكاليف الطاقة كتقديم خصومات على فواتير الطاقة، أو تقديم مساعدات مالية مباشرة مما يخفف عنهم الأعباء المادية.
- تنفيذ برامج وطنية تعمل على تحسين كفاءة الطاقة ضمن المباني السكنية والحكومية والتجارية، من خلال ترقية الأنظمة القديمة واستبدالها بأنظمة كفاءة، بالإضافة إلى تقديم دعم فني للجهات المعنية.
في ختام حديثنا عن نفقات الطاقة الشتوية نجد أن التوازن بين الاقتصاد والراحة في إدارة الطاقة من أبرز التحديات التي تضمن عند تنفيذها الرفاهية والاستدامة، يمكن ذلك من خلال اتباع العديد من الإجراءات كاعتماد تقنيات متقدمة تعمل على توفير الراحة وتوفر من الطاقة في آن واحد، بالإضافة إلى ضرورة اتباع سلوكيات يومية تساهم في ترشيد استهلاك الطاقة وتساعدنا في استغلال مواردنا بحكمة كبيرة.