تلعب ريادة الأعمال في الأسواق الناشئة دوراً حيوياً في تعزيز الاقتصادات للدول وتحقيق النمو المستدام لها وبالتالي بناء مجتمعات أكثر ازدهاراً ومرونة من خلال الابتكار وروح المبادرة اللذان يساهمان في خلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى تعزيز التنافسية الاقتصادية بين الشركات.
تضم الأسواق الناشئة دولاً عديدة مثل الهند والبرازيل والصين حيث تشكل بيئة خصبة لريادة الأعمال بفضل النمو السكاني الكبير والتوسع الاقتصادي السريع، لكن على الرغم من الفرص الواعدة التي تقدمها هذه الأسواق، فإنها تواجه مجموعة من التحديات التي تتطلب تفكيراً استراتيجياً وحلول مبتكرة، حيث تتمثل أبرز هذه التحديات البنية التحتية غير الكافية والنظم القانونية والتنظيمية غير المستقرة وصعوبة الوصول إلى التمويل والدعم اللازم.
لكن على الرغم من هذه العقبات، توفر الأسواق الناشئة فرص استثمارية هائلة للراغبين في المخاطرة وبناء مشاريع ناجحة، حيث يعد الاستثمار في ريادة الأعمال في هذه الأسواق بمثابة مفتاح للنمو الاقتصادي الشامل وتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع، لذلك ابقى معنا وتابع هذا المقال المثير في عالم المال والأعمال من إيكونومتريك.
أهمية ريادة الأعمال في الأسواق الناشئة:
دور ريادة الأعمال في خلق فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي:
تلعب ريادة الأعمال دور هام وفعال في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص عمل في الأسواق الناشئة تعمل على تحسين الواقع المعيشي للأسر الأمر الذي ينعكس ايجاباً على المجتمعات المحلية، وهذه النقاط التالية تمثل نظرة أعمق على أبعاد هذه الأهمية:
خلق فرص العمل:
- تعد الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة من أكبر مصادر التوظيف في الأسواق الناشئة من خلال إطلاق مبادرات جديدة وابتكارات تساهم في توفير وظائف جديدة تلبي احتياجات السوق المحلية والدولية.
- توفر ريادة الأعمال في الأسواق الناشئة فرص لتطوير مهاراتهم والعمل في مجالات تتطلب المزيد من الإبداع والابتكار وهذا مايعمل على تعزيز المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.
تحفيز النمو الاقتصادي:
- زيادة الانتاجية من خلال الابتكار وتطوير منتجات وخدمات جديدة تعمل على تحسين الأداء الاقتصادي،ولذلك تكون الشركات الناشئة أكثر كفاءة وابتكار مقارنة مع الشركات التقليدية.
- تعزيز التنافسية في الأسواق ممايؤدي إلى تحسين جودة المنتجات والخدمات وبالتالي تخفيض الأسعار لصالح المستهلكين الأمر الذي يساعد على دفع عجلة الاقتصاد نحو النمو والاستدامة.
- جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال نجاح المشاريع الريادية التي تعمل على تدفق رأس المال وتحفيز النمو الاقتصادي.
تحسين مستوى المعيشة:
- تساهم ريادة الأعمال في تنمية المجتمعات من خلال توفير فرص اقتصادية تعمل على تحسين مستوى المعيشة، إضافة إلى تقديم حلول لمشكلات اجتماعية واقتصادية.
- تهدف الريادة الاجتماعية على حل المشكلات التي تواجه المجتمعات مثل الفقر والبطالة من خلال تقديم حلول مبتكرة ومستدامة.

التكنولوجيات الحديثة ودورها في دفع الشركات الناشئة:
تعد التكنولوجيات الحديثة تعتبر من العناصر الأساسية التي تدفع الشركات الناشئة نحو النجاح والابتكار، حيث تقوم بدعم تلك الشركات بالعديد من النقاط وهذه أبرزها:
- تحسين الإنتاجية والكفاءة من خلال تقديم أدوات وبرامج متقدمة تساعد على تحسين العمليات الداخلية وبالتالي زيادة الإنتاجية لها.
- التوسع والوصول إلى أسواق جديدة بكل سهولة ويسر من خلال خدمات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
- الابتكار في المنتجات والخدمات من خلال إتاحتها لتطوير منتجات وخدمات مبتكرة وهذا مايعمل على مساعدتها في التميز في الأسواق.
- تحليل البيانات واتخاذ القرارات من خلال فهم سلوك العملاء وبالتالي اتخاذ قرارات مبنية على البيانات لتحسين الأداء.
- تعمل التكنولوجيا الحديثة على تسهيل عمليات التواصل والتعاون بين فرق العمل سواء أكانت محلية أو على مستوى العالم.
اقرأ أيضاً:بحث حول أهمية التنوع الاقتصادي
التحديات التي تواجه رواد الأعمال في الأسواق الناشئة:
يواجه رواد الأعمال في الأسواق الناشئة مجموعة لابأس بها من التحديات التي تعمل على إعاقة نمو شركاتهم ونجاحها، لكن على الرغم من تلك التحديات يمكن أن تكون الأسواق الناشئة مليئة بالفرص لرؤوس الأعمال الذين يستطيعون التكيف والابتكار، ومن أبرز تلك التحديات مايلي:
- ضعف البنية التحتية والنقص الكبير في الخدمات الأساسية مثل الانترنت والطرق والمرافق اللوجستية التي تؤدي إلى صعوبات في إدارة العمليات اليومية إضافة إلى صعوبة الوصول إلى العملاء وتوزيع المنتجات.
- نقص التمويل الكافي للشركات الناشئة يعمل على خفض القدرة في عمليات وصول المستثمرين إليها وبالتالي النقص في السيولة المادية لها مما يجعل من الصعب تمويل النمو والابتكار لها.
- القوانين والتنظيمات غير المستقرة قد تخلق بيئة غير مستقرة للأعمال، الأمر الذي يجعل التخطيط على المدى الطويل صعب جداً.
قصص نجاح ملهمة لريادة الأعمال في الأسواق الناشئة:
يوجد العديد من الشركات المنتشرة حول العالم كانت ولا تزال مثال لقصص نجاح في الأسواق الناشئة حيث قامت هذه الشركات بالاهتمام بقضايا الابتكار، فهم السوق المحلي، والاستفادة من الفرص التكنولوجية لتحقيق النجاح في الأسواق الناشئة، ومن أبرز تلك الشركات مايلي:
شركة Jumia (نيجيريا):
تعد هذه الشركة من أكبر الشركات الناشئة في إفريقيا، حيث تقدم منصة تسوق إلكترونية شبيهة بأمازون، تأسست في عام 2012 وتوسعت بسرعة لتشمل العديد من الدول الإفريقية.
الاستراتيجيات:
- التركيز على السوق المحلي من خلال فهم احتياجات المستهلكين المحليين وتلبية تلك الاحتياجات بشكل فعال.
- القيام باستثمارات ضخمة من شركات رأس المال العالمية.
- قامت بالتعاون مع شركات توصيل محلية لضمان توصيل الطلبات بكفاءة.
اقرأ أيضاً:إدارة المخاطر المالية للشركات الناشئة
شركة Byju’s (الهند):
هي شركة تعليمية تقدم تطبيق تعليمي يستخدم التكنولوجيا لتعزيز التعلم، تأسست في 2011 وأصبحت واحدة من أكبر شركات التعليم الإلكتروني في الهند.
الاستراتيجيات:
- الابتكار التكنولوجي من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتخصيص تجربة التعلم لكل طالب.
- إنشاء محتوى علمي ذو جودة عالية يعمل على جذب وتعزيز تجربة التعلم.
- الدخول في شراكات واستحواذات دولية لتوسيع نطاق الخدمات لديها.

شركة MercadoLibre (أمريكا اللاتينية):
هي منصة تجارة إلكترونية تأسست في 1999، وتعد من أكبر الشركات في مجالها في أمريكا اللاتينية.
الاستراتيجيات:
- التركيز على اللوجستيات من خلال تحسين وتطوير خدمات التوصيل والدفع لتلبية احتياجات العملاء.
- تقديم خدمات متكاملة مثل الدفع الالكتروني والتمويل، بهدف تسهيل عملية الشراء والبيع عبر المنصة.
- توسيع نطاق العمليات والخدمات لتشمل المزيد من الدول في المنطقة.
في الختام، يتضح أن تمكين ريادة الأعمال في الأسواق الناشئة ودعمها ليس فقط ضرورة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، بل هو ركيزة أساسية لمستقبل مشرق وواعد، لذلك يمكن القول إن احتضان الابتكار، وتعزيز البيئة القانونية والتشريعية، وتوفير الدعم المالي والبنية التحتية الملائمة، هي مفاتيح النجاح التي يجب أن نتبناها جميعاً، لذلك ندعوكم جميعاً لجعل من هذه الرؤية واقعاً من خلال خلق بيئة مشجعة تلهم رواد الأعمال الشجعان وتدعمهم في رحلتهم نحو تحقيق أحلامهم، لنكون بذلك جميعاً جزءاً من هذا التحول.