يتجلى تأثير الضرائب على الاقتصاد الرقمي بشكل واضح في وقتنا الراهن، وذلك بسبب الحاجة إلى تعزيز العدالة الضريبية وزيادة الإيرادات العامة وكل ما من شأنه تعزيز العدالة في المنافسة الاقتصادية.
يؤدي عدم فرض ضرائب على الاقتصاد الرقمي العديد من التداعيات، أبرزها عدم تحقيق العدالة في المنافسة وذلك بسبب تباين الأعباء الضريبية بين الشركات التقليدية والرقمية، علاوة على فقدان بعض الدول إيرادات ضريبية مُستحقة.
ما هو الاقتصاد الرقمي؟ ما المقصود بالتحول الرقمي في الضرائب؟ ما هي أبرز تطبيقات الاقتصاد الرقمي؟ وكيف يتجلى أثر الضرائب عليه؟ تابع معنا هذا المقال لمعرفة الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها العديد.
تعريف الاقتصاد الرقمي: نبذة عن عصر التكنولوجيا
الاقتصاد الرقمي أو كما يُعرَف أيضاً باسم اقتصاد الويب أو الاقتصاد الجديد أو اقتصاد الإنترنت، هو ذلك الاقتصاد الذي يرتبط بمفهوم مجتمع المعلومات، حيث ينطوي على رؤية مستقبلية لعالم يُقام على المعلومات التي ستكون ركيزة للعلاقات البشرية والاقتصاد، حيث يتجسد ذلك في بنية تحتية رقمية عالية قادرة على تحقيق ذلك في مختلف مجالات الحياة.
كما يعرف البعض الاقتصاد الرقمي أنه نمط اقتصادي متطور يقوم على استخدام المعلوماتية وشبكة الإنترنت على نطاق واسع في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وبشكل خاص في التجارة الإلكترونية، حيث يرتكز بشكل كبير على المعرفة والإبداع والتطور التكنولوجي وبشكل خاص ما هو مرتبط بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وفي هذا الإطار يمكننا تحديد مكونات مفهوم الاقتصاد الرقمي وفقاً لما يلي:
- الكمبيوتر البشري الإلكتروني: (رأس مال بشري، أجهزة، اتصالات، برمجيات، شبكات..الخ).
- التجارة الإلكترونية التي تشمل (طريقة إجراء الأعمال، العمليات التي تُقام عبر الشبكات المعتمدة على الكمبيوتر).
- التجارة الإلكترونية المرتبطة بنقل البضائع كبيع كتاب على الإنترنت.
الضرائب الرقمية: التوجه نحو تحول ضريبي مبتكر
لا بد من أن نشير إلى أن الضريبة الرقمية تعني فرض الضرائب على الاقتصاد الرقمي، حيث من الممكن أن تقوم الشركات تقديم منتجاتها بصفة عابرة للحدود وتحقق بذلك أرباحاً دون امتلاكها لمنشآت ضمن البلد الذي تحصل على الربح منه، وبناءً على ذلك لا تقوم هذه الشركات بدفع الضرائب المفترض أن تترتب عليها لأنها خارج القوانين الضريبية التي يتم العمل بها، إذاً يعد التحول الرقمي في الضرائب نقلة نوعية تعمل على تحسين عمليات استيفاء الضرائب وتأمين خدمات أفضل للمكلفين.
تتجلى أهمية التحول الرقمي في الضرائب في تقليل التكاليف الإدارية وتحسين الشفافية، بالإضافة إلى تسريع العمليات الضريبية، الأمر الذي يتيح أمام المكلفين إمكاتية تسديد الضرائب وتقديم إقراراتهم الضريبية إلكترونياً، الأمر الذي يؤدي إلى توفير الكثير من الوقت والجهد وتحسين دقة البيانات، علاوة على تقليل الأخطاء البشرية.
تسهيل العملية الضريبية يتطلب استخدام العديد من الأدوات والتي تشمل الدفع الإلكتروني، الأنظمة الإلكترونية الخاصة بتقديم الإقرارات الضريبية، والتحقق الآلي من البيانات، في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى أن أنظمة البلوكشين تقلل من إمكانية التلاعب فهي تتيح تخزين البيانات بشفافية وأمان، على الرغم من أن التحول الرقمي في الضرائب يواجه العديد من التحديات أبرزها حماية البيانات من الهجمات السيبرانية وضرورة توفير تدريب كافي للمكلفين والموظفين من أجل التعامل مع الأنظمة الجديدة، علاوة على ضرورة تأمين بنية تحتية تكنولوجية متطورة لضمان فعالية التحول الرقمي.
تطبيقات الاقتصاد الرقمي: المحركات الحديثة للنمو الاقتصادي
سنضع فيما يلي بين أيديكم قائمة تضم أشهر تطبيقات الاقتصاد الرقمي المعروفة عالمياً وهي كالتالي:
- التجارة الإلكترونية التي تشمل التجارة عن طريق الإنترنت بين الشركات وبين الشركات والمستهلكين، ويعد واقع البيع بالتجزئة كما هو في علي بابا وأمازون خير مثال على ذلك.
- الخدمات المالية الرقمية والتي تقدم العديد من الخدمات المالية عن طريق الإنترنت مثل التحويلات المالية والمدفوعات الرقمية، بالإضافة إلى الإقراض الالكتروني وأمثلة ذلك البنوك الرقمية مثل N26 وباي بال.
- المدن الذكية التي تستخدم تقنية المعلومات في تقديم خدمات عامة كالطاقة والنقل وإدارة الموارد بطريقة ذكية ومستدامة.
- الإعلام والترفيه الرقمي الذي يتيح أمام المستخدمين إمكانية الوصول إلى المحتوى الرقمي في أي وقت ومن أي مكان، وتعد منصات يوتيوب التي تطورت خدمات الترفيه والإعلام عبرها أبرز مثال على ذلك.
- التعليم الإلكتروني الذي انتشر مع بفضل العديد من المنصات مثل Udemy، حيث يتمكن الطلاب من الوصول إلى المحتوى التعليمي في أي مكان ومن مختلف أنحاء العالم.
- الاقتصاد التشاركي الذي تمثله منصات مثل أوبر، حيث يتم استخدام التقنية من أجل ربط الأفراد بالخدمات الذين هم بحاجة إليها، الأمر الذي يتيح تبادل الخدمات والأصول بين الشركات أو الأفراد.
- تقنية الذكاء الاصطناعي التي تُستخدم لتحليل البيانات بشكل دقيق وسريع، الأمر الذي يتيح أمام الشركات إمكانية تطوير منتجاتها وتحسين قراراتها وفقاً لاحتياجات العملاء.
- الحوسبة السحابية التي تعتمد على إدارة البيانات والتخزين السحابي عبر الإنترنت، مما يساعد الشركات في الوصول إلى البنية الأساسية وموارد الحوسبة دون الحاجة إلى صيانة أو شراء الأجهزة المادية.
أثر الضرائب على الاقتصاد الرقمي: بين الدعم والتحديات
أصبح الاقتصاد الرقمي في عصرنا الراهن جزءاً رئيسياً من الاقتصاد العالمي نتيجة الانتشار المتزايد للتكنولوجيا والاعتماد على الإنترنت، حيث أثرت الضرائب على هذا الاقتصاد بعدة نواحي، وظهر ذلك واضحاً في التأثير على الشركات الرقمية العابرة للحدود، فالعديد من الشركات الرقمية الكبرى تمتلك أفرع في عدة دول الامر الذي يفرض تحديات في اختيار الدولة التي يجب أن تعمل على تحصيل الضرائب، ولا بد من أن نشير إلى العدالة الضريبية التي تفرض على الشركات الرقمية تسديد ضرائبها بشكل عادل مقارنة مع الشركات التقليدية، الأمر الذي يمنع التهرب الضريبي ويؤدي إلى خلق منافسة عادلة في السوق.
تؤدي الضرائب على الاقتصاد الرقمي إلى جمع الإيرادات للدول وتعزيز الشفافية، عن طريق فرض ضرائب الخدمات الرقمية والتجارة الإلكترونية، حيث تساعد الدولة في زيادة نسبة الإنفاق على الخدمات العامة كالصحة والتعليم، بالإضافة إلى تحسين ميزانياتها، لكن تجدر الإشارة إلى أن الضرائب المرتفعة قد تؤثر سلباً على النمو والابتكار في الاقتصاد الرقمي لذلك يُفترض على الحكومات إيجاد وخلق توازن بين مختلف الإيرادات.
من الجدير بذكره أن تحصيل الضرائب من الشركات الرقمية يحتاج إلى بنية تحتية تقنية قوية، فيجب أن تمتلك الأنظمة الضريبية قدرة على التحديد الدقيق قيمة الأنشطة الاقتصادية التي تتم عبر الإنترنت، بالإضافة إلى القدرة على تتبع المعاملات الرقمية، الأمر الذي يتطلب تأهيل العاملين في المجال الضريبي والقيام باستثمارات كبيرة في التكنولوجيا.
في الختام، يعد الاقتصاد الرقمي أحد أبرز ما أنتجته الثورة التكنولوجية القائمة على الإنترنت، فبات ركيزة أساسية تدخل في عدة مجالات مرتبطة بأسلوب حياة الأفراد وطريقة ممارسة الأنشطة الاقتصادية، حيث يعتمد بعمله على المعرفة والإبداع والتطور التكنولوجي وأبرزها تكنولوجيات الإتصال والإعلام.