تعتبر أسعار الفائدة الأمريكية أداة رئيسية بيد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للتحكم في التضخم وتعزيز النمو الاقتصادي. عندما يقرر الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد في الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. ومع ذلك، فإن تأثير هذه القرارات يتجاوز حدود الولايات المتحدة، حيث يمتد إلى الاقتصادات الأخرى في جميع أنحاء العالم، خاصةً الاقتصادات النامية.
في هذا المقال من إيكونومتريك سنستكشف تأثير رفع أو خفض أسعار الفائدة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، مع التركيز على الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
أهمية تأثير الفائدة الأمريكية على الاقتصاد
الفائدة الأمريكية، أو سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، هو سعر الفائدة الذي تفرضه البنوك الأمريكية على بعضها البعض في معاملات القروض قصيرة الأجل، وهو بمثابة سعر الفائدة الأساسي في الاقتصاد الأمريكي.
تعتبر التغييرات في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، والتي يتم تحديدها في المقام الأول من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، مهمة لأنها تؤثر على تكاليف الاقتراض والتضخم والنمو الاقتصادي الإجمالي يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتعديل أسعار الفائدة لإدارة التضخم والبطالة، مما يؤثر على تكلفة اقتراض المال لكل من المستهلكين والشركات .

العلاقة بين الفائدة والتضخم
العلاقة بين التضخم وأسعار الفائدة علاقة معقدة ومتداخلة. فالتضخم هو معدل ارتفاع أسعار السلع والخدمات مع مرور الوقت، بينما أسعار الفائدة هي تكلفة اقتراض الأموال. بشكل عام.
عندما يرتفع التضخم، يقلل ذلك من القوة الشرائية للنقود، مما يعني أن المستهلكين والشركات يمكنهم شراء سلع وخدمات أقل بنفس المبلغ من المال. لتقليل التضخم، ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة، مما يجعل الاقتراض أكثر تكلفة ويشجع على الادخار. هذا يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، مما يساعد على خفض الطلب على السلع والخدمات وبالتالي خفض التضخم.
عندما يكون التضخم منخفضًا أو في حالة انكماش، قد تخفض البنوك المركزية أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي. هذا يجعل الاقتراض أرخص ويشجع على الإنفاق والاستثمار، مما يساعد على زيادة الطلب على السلع والخدمات. ومع ذلك، قد يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى ارتفاع التضخم إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح.
اقرأ أيضاً: طرق تحسين عوائد الاستثمار
كيف تؤثر الفائدة الأمريكية على أسعار الدولار
عمومًا، يُعزِّز ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية الدولار الأمريكي، بينما يُضعفه انخفاضها. ويعود ذلك إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يجذب الاستثمارات الأجنبية الساعية إلى عوائد أعلى، مما يزيد الطلب على الدولار ويرفع قيمته. في المقابل، قد يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى هروب رؤوس الأموال، حيث يسعى المستثمرون إلى عوائد أعلى في أسواق أخرى، مما يُقلل الطلب على الدولار ويُضعف قيمته.
تأثير الفائدة على الأسواق العالمية والعربية
- تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات والأفراد، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمار والإنفاق، مما قد يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي.
- يمكن أن تؤثر فروق أسعار الفائدة بين الدول على تدفقات رأس المال. فارتفاع أسعار الفائدة في دولة ما يجذب الاستثمار الأجنبي، مما يعزز قيمة عملتها، بينما قد يؤدي انخفاضها إلى انخفاض قيمتها.
- إن ارتفاع أسعار الفائدة قد يؤثر على تجارة السلع الأساسية، وخاصة في قطاع الطاقة، حيث قد يقوم المنتجون بتسريع عملية الاستخراج لتجنب تكاليف الفرصة الأعلى المترتبة على الاحتفاظ بالاحتياطيات تحت الأرض، مما قد يؤدي إلى زيادة العرض والضغط على الأسعار.
- يمكن أن تؤثر أسعار الفائدة المرتفعة سلبًا على أسعار الأسهم حيث يصبح الاقتراض أكثر تكلفة بالنسبة للشركات، مما قد يقلل من أرباحها وتدفقاتها النقدية المستقبلية.
- يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض أسعار السندات، حيث تنخفض قيمة السندات الحالية ذات أسعار الفائدة المنخفضة عندما يتم إصدار سندات جديدة ذات أسعار فائدة أعلى.
- في المقابل، يمكن لانخفاض أسعار الفائدة أن يحفز الاقتصادات بجعل الاقتراض أقل تكلفة، مما يشجع الاستثمار والإنفاق.
اقرأ أيضاً: التحول الرقمي: أداة لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة
المستثمرون وسعر الفائدة : هل حان وقت الحذر
- نعم، ينبغي على المستثمرين توخي الحذر في ظل تقلبات أسعار الفائدة. فبينما قد يُعزز انخفاض أسعار الفائدة قطاعات معينة مثل التكنولوجيا والعقارات، فإنه قد يؤدي أيضًا إلى انخفاض عوائد استثمارات الدخل الثابت كالسندات. علاوة على ذلك، قد يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة سلبًا على أسعار السندات ويزيد من تكاليف الاقتراض للشركات. لذلك، ينبغي على المستثمرين دراسة توزيع أصولهم وقدرتهم على تحمل المخاطر بعناية في ظل الظروف الحالية.

الدول النامية وتغيرات السياسات النقدية الأمريكية
تؤثر التغيرات في السياسة النقدية الأمريكية، خاصةً رفع أسعار الفائدة، بشكل كبير على الدول النامية، حيث تزيد من أعباء الديون وتضغط على عملاتها وتؤثر سلبًا على اقتصاداتها.
من أهم التأثيرات الرئيسية للسياسة النقدية الأمريكية على الدول النامية:
- ارتفاع تكلفة الاقتراض: عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة بالنسبة للدول النامية، مما يزيد من أعباء الديون القائمة ويجعل من الصعب الحصول على تمويل جديد.
- ضعف العملات المحلية: يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى زيادة قوة الدولار، مما يجعل عملات الدول النامية أضعف، وبالتالي تزيد تكلفة الواردات وتساهم في التضخم.
- تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة: قد يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى تحويل الاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق الأمريكية الأكثر جاذبية، مما يقلل من تدفق الاستثمارات إلى الدول النامية.
- تزايد الضغوط التضخمية: بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الواردات، قد يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة الضغوط التضخمية في الدول النامية، خاصةً تلك التي تعتمد على الواردات.
- زيادة المخاطر الاقتصادية: تتسبب السياسة النقدية الأمريكية في زيادة التقلبات في الأسواق العالمية، مما يزيد من المخاطر الاقتصادية التي تواجهها الدول النامية، ويزيد من صعوبة التخطيط الاقتصادي.
ماالذي نتوقعه في نهاية 2025
بناءً على التوقعات الاقتصادية الحالية، من المتوقع أن تشهد أسعار الفائدة في نهاية عام 2025 في الغالب استقرارًا أو تخفيضات طفيفة، مع الأخذ في الاعتبار أن التضخم والنمو الاقتصادي هما العاملان الرئيسيان اللذان سيحددان مسار أسعار الفائدة.
قد يشهد بعض البنوك المركزية تثبيتًا لأسعار الفائدة، خاصة إذا استمر التضخم في الانخفاض أو ظل عند مستويات معتدلة.
من المرجح أن تشهد بعض البنوك المركزية تخفيضات في أسعار الفائدة، خاصة إذا تباطأ النمو الاقتصادي أو ارتفع خطر الركود.
من المرجح أن تكون أي تخفيضات في أسعار الفائدة متواضعة، حيث يحاول صانعو السياسة تجنب التيسير النقدي المفرط الذي قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم مرة أخرى.
رأي الخبراء حول الفائدة في السنوات القادمة
يتوقع معظم الخبراء انخفاضًا تدريجيًا في أسعار الفائدة خلال السنوات القليلة المقبلة مع أن وتيرة ومدى هذه التخفيضات لا تزال غير مؤكدة. فبينما تتوقع بعض المؤسسات المالية انخفاضًا كبيرًا، تتوقع أخرى انخفاضًا أكثر اعتدالًا، بل ويشير بعضها إلى أن أسعار الفائدة قد تبقى مستقرة نسبيًا.