يعد تأثير الأحداث السياسية على الاقتصاد العالمي من القضايا الجوهرية التي تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام الحكومات، فكما نعلم أن السياسة والاقتصاد كل منهما يؤثر على الآخر بشكل واضح، بمعنى آخر هما وجهان لعملة واحدة، فالسياسة تقوم بوضع إطار تنظيمي وقانوني يعمل الاقتصاد وفقاً له، أما تأثير الاقتصاد على السياسة يتجلى في تحديد الأولويات وتوفير الموارد.
حصلت العديد من الأحداث السياسية البارزة التي غيرت من مجرى الاقتصاد العالمي، كانهيار الاتحاد السوفييتي الذي حدث في عام 1991، والذي نقل عدة دول إلى اقتصاد السوق بدلاً من الاقتصاد المخطط، بالإضافة إلى الأزمة المالية العالمية التي حصلت في عام 2008 والتي أثرت على الاقتصاد بشكل واسع، وغيرها العديد من الأحداث التي أثرت على الاقتصاد العالمي.
فهم العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والسياسة يساعدنا في تحليل الأحداث العالمية وتوقع تأثيراتها، الأمر الذي يساعد الحكومات والأفراد على اتخاذ قرارات مستدامة، تابع معنا هذا المقال من إيكونومتريك لمعرفة المزيد من التفاصيل عن علاقة السياسة والاقتصاد، وكيفية تأثيرها على العديد من المجالات، مع تأكيدها بأمثلة واقعية، ابقى معنا.
تأثير الأحداث السياسية على الاقتصاد العالمي: شرح العلاقة بين السياسة والاقتصاد
تلعب القرارات السياسية دوراً بارزاً في التأثير على الاستثمار والتجارة بعدة أشكال، فمثلاً القرارات المرتبطة بالحصص والتعرفة الجمركية والاتفاقيات التجارية من شأنها أن تتيح دخول الخدمات والمنتجات الأجنبية إلى الأسواق أو تحد منها، فعندما تلجأ الدولة إلى رفع التعرفة الجمركية قد يؤدي إلى تقليل وارداتها، بالتالي تحفيز الإنتاج المحلي والتأثير على التوازن التجاري.
في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى أن الاستقرار السياسي يعزز من ثقة المستثمرين، وبالعكس الاضطرابات السياسية تقلق المستثمرين وتحد من الاستثمار الأجنبي المباشر، إذاً، الاستقرار هو فرصة مثالية تساعد في تدفق رأس المال وإنشاء العديد من المشاريع طويلة الأمد.
من الجدير بذكره أن الإنفاق الحكومي، الضرائب، السياسات النقدية هي أحد السياسات المالية التي تؤثر على بيئة الأعمال والاستثمار بشكل مباشر، بالإضافة إلى دور التشريعات البيئية في التأثير على القرارات الاستثمارية للعديد من الشركات، كالسياسات التي تفرض على الشركات مبالغ إضافية لالتزام حفاظها على البيئة.
أمثلة تاريخية على تأثير الأحداث السياسية على الاقتصاد:
كما نعلم أنه حصلت العديد من الأحداث السياسية الكبرى التي أثرت على مختلف مجالات الحياة بما فيها المجال الاقتصادي، لذلك سنذكر لكم فيما يلي أبرز الأمثلة عن هذه الأحداث والتي توضح كيفية تأثير الأحداث السياسية على الاقتصاد العالمي:
الحروب الاقتصادية والعقوبات:
سببت الحرب العالمية الأولى التي حصلت بين عامي (1914-1918) دماراً كبيراً على الاقتصاد الألماني وفاقمت من مشكلتي التضخم والبطالة، فبعد أن قامت الدول الفائزة في معاهدة فرساي بفرض عقوبات قاسية على الدولة الألمانية ازدادت نسبة الفقر وتدهور الاقتصاد بشكل مستمر.
أما الحرب العالمية الثانية التي امتدت بين عامي (1939-1945) فقد عطلت الصناعات ودمرت البنية التحتية في أوروبا، بعد انتهاء الحرب تم فرض العديد من العقوبات على اليابان وألمانيا الأمر الذي أدى إلى دمار اقتصادهما على المدى الطويل.
القرارات السياسية الكبرى:
يعد خروج دولة بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أحد أبرز الأحداث السياسية التي أثرت على الاقتصاد، حيث ظهر هذا التأثير بشكل واضح على قيمة العملة الاسترلينية، بالإضافة إلى المؤسسات الاقتصادية والأسواق المالية، كما أدى خروجها إلى إيقاف التواصل الاقتصادي والعمليات التجارية بين بريطانيا وجميع الدول الأوروبية الأخرى.
اقرأ أيضًا:خطوة بخطوة: بناء خطة تقاعد ناجحة للشركات الصغيرة
الاقتصاد العالمي في مواجهة الأزمات السياسية:
قد يواجه الاقتصاد العالمي العديد من الأزمات السياسية، كالحروب والنزاعات التي تؤدي إلى تهجير السكان وتدمير البنية التحتية، بالإضافة إلى إيقاف النشاط الاقتصادي، هذه الأحداث جميعها قد يرفع من تكاليف المعيشة ويزيد من نسبة البطالة ويقلل من الإنتاجية، لتؤثر تلك الأزمات بدورها على الأسواق المالية، حيث من الممكن أن يلجأ العديد من المستثمرين إلى سحب أموالهم والبحث عن أماكن آمنة، كل ذلك يحدث المزيد من التقلبات المالية ويُفقد الثقة بالاقتصاد العالمي.
أما تغير الحكومات وتأثير الانتخابات سيؤثر مباشرة على السياسة الاقتصادية في الدولة، لأن السياسات الاقتصادية الجديدة التي يتم اتخاذها من قبل الحكومات المُنتخبة حديثاً قد تحدث تغييراً في الإنفاق الحكومي والضرائب، بالإضافة إلى التغير الذي قد يطرأ على السياسات التجارية، حيث يتحدد تأثير هذه السياسات إيجاباً أو سلباً على النشاط الاقتصادي وفقاً للسياسات المُتبعة.
كيف يمكن للأفراد والشركات التكيف مع هذه التغيرات؟
في إطار حديثنا عن تأثير الأحداث السياسية على الاقتصاد العالمي، لا بد من أن نشير إلى أن التكيف مع هذه التغيرات هو أمر ضروري يضمن للشركات والأفراد استدامة أعمالهم واستثماراتهم، لذلك سنذكر لكم أبرز هذه الخطوات الفعالة:
اقرأ أيضًا:استراتيجيات إدارة الأموال في الأزمات الاقتصادية العالمية بذكاء
تنويع الاستثمارات:
يعد تنويع الاستثمارات من أبرز الاستراتيجيات التي تعمل على حماية الأصول من التغيرات الناجمة عن الأزمات السياسية، وذلك من خلال قيام الأفراد والشركات بتوزيع الاستثمارات التي يملكونها على جميع القطاعات والأسواق الجغرافية بهدف الحد من المخاطر المُحتملة، إذاً، هذه الطريقة تضمن تعويض العوائد عند تراجع سوق معين أو أداء قطاع معين.
مراقبة الأخبار السياسية بدقة:
مراقبة الأخبار السياسية وتوقع تأثيرها على الأسواق المالية والاقتصادية هو من أبرز الاستراتيجيات التي يجب أن تلجأ إليها الشركات والأفراد، لأن هذا الأمر يساهم في اتخاذ قرارات مستنيرة مرتبطة بمجال الاستثمار والأعمال، فالفهم الدقيق للبيئة السياسية سيساعدهم في التنبؤ بالتغيرات التي قد تحصل وكيفية الاستجابة لها بشكل فعال.
في ختام حديثنا عن تأثير الأحداث السياسية على الاقتصاد العالمي، يمكننا القول أن فهم هذا الأمر وإدراكه بشكل دقيق قد يحدث تغييرات جذرية في الأسواق الاقتصادية والمالية، الأمر الذي أظهر ضرورة التكيف مع مختلف التغيرات العالمية الجديدة لضمان الاستمرار، والقدرة على مجابهة التحديات المستقبلية بكل كفاءة.