نالت معرفة أسباب اختلاف أسعار العملات بين الدول حيزاً كبيراً من اهتمام الكثير من اهتمام الباحثين الاقتصاديين، فهي تتفاوت بشكل يؤثر على الاقتصاد المحلي والعالمي، فالتقلبات التي تحدث في أسعار الصرف تحدد كلفة السلع التي يتم استيرادها، وتلعب تأثيراً بارزاً في القدرة التنافسية للمنتجات ضمن الأسواق الدولية، بالإضافة إلى العديد من المجالات الأخرى.
تحقيق الاستقرار الاقتصادي المُستدام يحتاج إلى فهم العوامل التي تؤثر على تحديد أسعار العملات، بما فيها السياسات المالية النقدية ومعدلات الفائدة وغيرها العديد من العوامل، لأنها تحدد قيمة العملات وتؤثر على عمليات الطلب والعرض المرتبطة بها، بمعنى آخر فهم هذه العوامل يساعد المستثمرين والحكومات على اتخاذ قرارات اقتصادية قائمة على أسس متينة.
ما هي العوامل التي تؤدي إلى اختلاف أسعار العملات بين الدول؟ ما هي الأنظمة المُستخدَمة في تحديد سعر الصرف؟ كيف يتجلى تأثير اختلاف العملات على التجارة الدولية؟ إذا كنتَ من محبي الاقتصاد تابع معنا هذا المقال من إيكونومتريك لمعرفة الإجابة عن هذه التساؤلات وتزويدك بأهم المعلومات.
العوامل المؤثرة على اختلاف أسعار العملات بين الدول:
بدايةً لا بد من أنْ نشير إلى أن سعر صرف العملات هو أحد المصطلحات التي يتم تداولها بكثرة في عالم التداول، ويعد المحرك الرئيسي لسوق العملات الأجنبية، كما توجد العديد من العوامل التي تؤثر به والتي تعد معرفتها من أقوى الأدوات التي قد يملكها أي متداول لتحقيق الأرباح في السوق العالمي، لذلك سنذكر لكم فيما يلي أبرز هذه العوامل:
العرض والطلب:
كما نعلم أن القوة الأساسية التي تحدد الأسعار هما العرض والطلب، وبشكل خاص سعر السلع وصرف العملات الأجنبية، فعندما يرتفع الطلب على أحد العملات في الوقت الذي تشهد به عرض محدود سيزيد سعر هذه العملة، وبالعكس إذا زاد العرض وانخفاض الطلب سينخفض السعر، تجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر يتأثر بعدة عوامل كالسياسات النقدية، والاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى التجارة الدولية.
التضخم الاقتصادي:
التضخم هو أحد المؤشرات الاقتصادية التي تؤثر على سعر الصرف، حيث يرتبط هذا الأمر بشدته، فعندما يكون التضخم منخفض يؤدي إلى تعزيز قيمة العملة، وعندما يرتفع التضخم يؤدي إلى انخفاض قيمتها لأن ذلك سيحد من القوة الشرائية للعملة ويقلل من جاذبيتها بالنسبة للمستثمرين.
السياسات النقدية وأسعار الفائدة:
تعد السياسات النقدية وأسعار الفائدة من أبرز أسباب اختلاف أسعار العملات بين الدول، فكما نعلم أن البنوك المركزية هي الجهة الرسمية التي تحدد سياسات الدول النقدية، فمثلاً عندما يلجأ البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة سيزيد من قيمة العملة نتيجة تدفق الاستثمارات الأجنبية، وعندما يخفض البنك المركزي سعر الفائدة سيؤدي إلى تراجع سعر العملة.
الأزمات السياسية والاقتصادية:
قد تشهد العديد من الدول حالة عدم استقرار سياسي واقتصادي، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة عملتها نتيجة هروب رؤوس الأموال، أما البلدان التي تتمتع بالاستقرار تجذب الكثير من الاستثمارات التي تعزز من قيمة العملة وترفعها، حيث يستطيع المتداولون الاستفادة من هذا الأمر في اتخاذ قرارات هامة وفقاً لمعلومات دقيقة من خلال متابعة الأخبار الاقتصادية والسياسية.
اقرأ أيضاً:كيف تؤثر العملات الرقمية على سلوك المستهلك؟
أنظمة تحديد سعر الصرف:
كما نعلم أن نظام سعر الصرف أحد أبرز الأدوات التي تساعد الحكومات في إدارة اقتصادها من أجل تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي، حيث يوجد نوعان أساسيان هما: سياسة سعر الصرف الثابت وسياسة سعر الصرف المرن التي سنتحدث عن أبرز تفاصيلهما في السطور التالية:
نظام سعر الصرف المرن:
سعر الصرف المرن أو كما يُعرَف أيضاً باسم (سعر الصرف العائم) هو تحديد سعر عملة بلد ما بشكل نسبي وفقاً لقوى السوق التي تتمثل في الطلب والعرض على العملات الأخرى دون أن تتدخل الحكومة في ذلك، أي أنها لا تخضع لأي قيود، لكن يحق للحكومة والبنك المركزي التدخل في حال انخفاض سعر الصرف المرن أو ارتفاعه بشكل كبير، وذلك بهدف الحفاظ على قيمة مناسبة للتجارة الدولية، تجدر الإشارة إلى أن اتباع هذا النظام له العديد من الفوائد التي سنذكر أبرزها فيما يلي:
- يساهم في استقرار ميزان المدفوعات.
- يتيح إمكانية تداول العملات دون أي قيود.
- تعزيز كفاءة السوق لأن سعر الصرف يتأثر بأساسيات الاقتصاد الكلي للبلد.
- يقلل من تأثير الصدمات الاقتصادية مثل ارتفاع أسعار الواردات التي تعاني منها اقتصاديات الدول ذات أسعار الصرف الثابتة.
نظام سعر الصرف الثابت:
في إطار حديثنا عن أسباب اختلاف أسعار العملات بين الدول يجب أن نشير إلى سعر الصرف الثابت، فهو السعر الرسمي الذي يتم تحديده من قبل الحكومات، بهذا يكون نظام هذا الصرف ثابتاً يتحدد وفقاً لتعادل العملة على قاعدة معينة أو أساس معين، سواء كان عملة رئيسية أو ذهب، الهدف من اعتماد هذا النظام هو التحكم في سلوك العملة، على الرغم من أنه يعيق استخدام الدولة للسياسة النقدية المحلية بهدف تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، في هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى أن سعر الصرف الثابت يعد من أكبر الضمانات أمام المصدرين والمستوردين، وفيما يلي سنوضح أبرز فوائد هذا النظام:
- الاستقرار وإمكانية التنبؤ للشركات التي تعمل في مجال التجارة الدولية.
- السيطرة على التضخم، بسبب قدرتها في الحد من إمكانية المركزي طباعة أموال زائدة تهدف لتمويل العجز الحكومي.
- تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الدولية.
اقرأ أيضاً:تحليل التكلفة والفائدة للمشروعات الصغيرة
تأثير اختلاف العملات على التجارة الدولية:
يؤثر اختلاف العملات بشكل واضح على التجارة الدولية، حيث يلعب سعر الصرف دوراً بارزاً في تحديد كلفة الاستيراد والتصدير، فعندما تزيد قيمة العملة المحلية وتكون أكبر من قيمة العملات الأجنبية، هذا الأمر سيؤدي إلى رخص في الواردات وبالتالي تعزيز إمكانية شراء المزيد من السلع والخدمات من الدول الخارجية، إلا أن ذلك سيؤثر سلباً على الصادرات من حيث تقليل التنافسية ضمن الأسواق الدولية، لأن السلع المحلية ستكون أغلى بالنسبة للمشترين الأجانب.
لا ينحصر تأثير اختلاف العملات على الاستيراد والتصدير بل يؤثر أيضاً على الاقتصاد المحلي، فمثلاً عندما تنخفض قيمة العملة بشكل مفاجئ سترتفع تكلفة الواردات بشكل واضح، الأمر الذي يزيد من معدلات التضخم، وبالتالي سيترتب على الشركات والمستهلكين المزيد من الأعباء المالي، لأن أسعار الخدمات والسلع المستوردة سترتفع.
في ختام حديثنا عن اختلاف أسعار العملات بين الدول نجد أنه هناك العديد من العوامل التي تؤثر على ذلك مثل: العرض والطلب، التضخم، السياسات النقدية وأسعار الفائدة، بالإضافة إلى الاستقرار الاقتصادي والسياسي، حيث يعد فهم هذه العوامل من الأمور الحيوية للشركات والحكومات، فالتنبؤ بالتأثيرات يساهم في اتخاذ قرارات مستنيرة تؤدي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي.